الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦١
يسير نحو الكمال والسعادة المناسبة له وذلك عن طريق الفطرة والتكوين.
والانسان أيضا أحد أنواع هذه الكائنات لا يستثنى من القانون العام. ويجب ان يرشد إلى طريق خاص في حياته، تضمن له سعادته في الدنيا والآخرة، وذلك عن طريق الغريزة المتصفة بالنظرة الواقعية للحياة، والتأمل في حياته الاجتماعية، وبعبارة أخرى، يجب ان يدرك مجموعة من معتقدات وظائف عملية، كي يجعلها أساسا له في حياته ليصل بها إلى السعادة والكمال المنشود، وقلنا ان المنهاج للحياة وهو ما يسمى بالدين لا يتأتى عن طريق العقل، بل هو طريق آخر يدعى الوحي والنبوة، والتي تظهر في بعض من أولياء الله الصالحين وهم الأنبياء، ورسل السماء.
فالأنبياء قد أنيطت بهم مسؤولية هداية الناس، عن طريق الوحي من الله تعالى فإذا ما التزموا بتلك الأوامر والنواهي، ضمنوا السعادة لهم.
يتضح ان هذا الدليل، فضلا عن أنه يثبت ولزوم مثل هذا الادراك بين أبناء البشر، يثبت أيضا، لزوم وضرورة وجود افراد حفظة على هذا البرنامج، وايصاله إلى الناس إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وكذا يستلزم وجود اشخاص قد أدركوا الواجبات الانسانية، وذلك عن طريق الوحي، وهم بدورهم ينهضون بتعليم المجتمع، كما يجب ان تبقى هذه الواجبات السماوية، ما دام الانسان حيا، وتعرض عليه عند الضرورة.
فالذي يتحمل عب ء هذه المسؤولية، يعتبر حاميا للدين الإلهي، ويعين من قبل الله تعالى، وهو من يسمى ب الامام كما يدعى حامل الوحي الإلهي، والشرائع السماوية ب النبي وهو من قبل الله تعالى أيضا.
يتفق ان تكون النبوة والإمامة في شخص واحد، وقد لا يتحقق ذلك، فكما ان الدليل المتقدم يثبت عصمة الأنبياء، يثبت عصمة الأئمة أيضا.
إذ تقتضي رحمة الله وعطفه ان يضع الدين الحقيقي غير المحرف في متناول أيدي البشر دوما، ولا يتحقق هذا الأمر دون ان تكون هناك عصمة.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»