الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٧٦
يزيد وفسقه. الا انهم لم يسلموا من غضب معاوية وسخطه، فوجه إليهم ضربات قاصمة.
فالحسين عاصر هذه الظروف الحالكة، وتحمل كل أذى من قبل معاوية وأتباعه، حتى جاء منتصف سنة ستين للهجرة، التي مات فيها معاوية مخلفا ابنه يزيد 1.
كانت البيعة سنة عربية تجري في أمور هامة كالملوكية والامارة وما شابه، فيتقدم السادة وكبار القوم بمد يد البيعة والطاعة للملك أو الأمير، وكان يعتبر التخلف عن البيعة عارا، وتخلفا عن معاهدة رسمية، والبيعة كانت معتبرة في زمن النبي (ص)، وسيرته تؤيد ذلك، هذا إذا كانت تتصف بصفة الاختيار دون الاجبار والاكراه.
لقد أخذ معاوية البيعة من شرفاء القوم ورؤسائهم، الا انه لم يتعرض للحسين (ع)، ولم يحمله بيعة يزيد، وقد أوصى يزيد بعدم التعرض للحسين بن علي، إذا امتنع من البيعة له، فكان معاوية أكثر حنكا في الأمور، وكان يرى العقبات التي تترتب على هذا الامر.
ولكن يزيد لما كان يتصف به من أنانية، نسي وصية أبيه، فأمر والي المدينة بعد وفاة أبيه معاوية ان يأخذ البيعة من الحسين، أو يرسل برأسه إليه 2.
وبعد ان أبلغ والي المدينة بأمر يزيد، ونقله إلى الإمام الحسين (ع) طلب الحسين (ع) مهلة لدراسة الموضوع، فخرج من المدينة في تلك الليلة، متجها إلى مكة، والتجأ بالكعبة التي هي مأمن المسلمين.
هذا ما حدث أواخر شهر رجب، وأوائل شهر شعبان من سنة ستين للهجرة، والحسين قد قضى ما يقارب الأربعة أشهر في مكة، في حالة اللجوء

(١) ارشاد المفيد ١٨٢ / تاريخ اليعقوبي ج ٢: ٢٢٦ - ٢٢٨ / الفصول المهمة ١٦٣.
(٢) مناقب ابن شهرآشوب ج: ٨٨ / ارشاد المفيد صفحة ١٨٢ / الإمامة والسياسة ج ١: ٢٠٣ / تاريخ اليعقوبي ج ٢: ٢٢٩ / الفصل المهمة 163 / تذكرة الخواص صفحة 235.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»