الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٥٤
من يهتم بأمور تحدث بعد سنوات عديدة متأخرة عن وفاته، وما تنطوي عليها من فتن ومصائب، يتغافل عن موضوع يحدث بعيد وفاته، وفي الأيام الأول بعد رحلته (ص)؟!
ولا يبدي عنايته لموضوع خطير من جهة، وبسيط من جهة أخرى، في حين كان يبدي اهتمامه لأبسط الأمور الاعتيادية، كالأكل والشرب والنوم وما شاكل، فنجده يصدر الأوامر اللازمة لهذه المسائل الطبيعية، فكيف لا يبدي اهتماما لمسائل أساسية هامة أو ان يختار الصمت إزاءها، ولا يعين أحدا مكانه؟
وعلى فرض المحال، لو كان تعيين القائد لمجتمع إسلامي في الشريعة الاسلامية، منوطا بالمجتمع نفسه، لكان لزاما على النبي (ص)، ان يصرح في هذا الخصوص ويشير إليه إشارة وافية، ويعطي الأمة الارشادات اللازمة، كي تصبح واعية امام موضوع يضمن لها تقدمها وتكاملها، ويتوقف عليه شعائر دينها.
في حين أننا لم نجد مثل هذا التصريح، ولو كان هناك نص صريح لما خالفه من جاء من بعده، وذلك ما حدث من الخليفة الأول، وانتقال الخلافة إلى الثاني بوصية منه، والرابع أوصى لابنه، اما الخليفة الثاني فقد دفع الثالث إلى منصة الخلافة بحجة انه أحال الامر من بعده إلى شورى تتضمن ستة أعضاء، وقد عين هؤلاء الأعضاء، وكذا كيفية انتخابهم.
اما معاوية فقد استعمل الشدة في صلح الإمام الحسن (ع)، واستتب له الأمر، وبعدها صارت الخلافة وراثية، وتغيرت الشعائر الدينية، من جهاد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة الحدود وغيرها. كل هذه قد زالت عن المجتمع الاسلامي، فأضحت جهود الشارع هباء 1.

(١) فيما يتعلق بموضوع الإمامة وخلافة النبي (ص) والحكومة الاسلامية، تراجع المصادر التالية: تاريخ اليعقوبي ج ٢: ٢٦ - 61 / السيرة لابن هشام ج 2: 223 - 271.
تاريخ أبي الفداء ج 1: 126 / غاية المرام صفحة 664 نقلا عن مسند أحمد وغيرها.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»