الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٥٩
قال بعضهم، ان رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف الحضور بالبيت واختصموا، فمنهم من يقول، قربوا يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول الله (ص): قوموا 1.
مع ما تقدم من البحث، ومع الالتفات إلى أن الذين مانعوا من تدوين كلمة الرسول العظيم (ص)، هم أنفسهم قد حظوا في اليوم التالي بالخلافة الانتخابية، وكان الانتخاب دون علم علي (ع) وأصحابه، فجعلوهم امام أمر واقع، وهل هناك شك في أن النبي (ص) كان يريد تعيين علي، ليجعله خليفة له من بعده.
وما كان الهدف من المعارضة الا جعل المحيط مضطربا. يقضي بانصراف النبي (ص) عن الأمر، ولم يكن الغرض اتصاف النبي بالهذيان، وغلبة المرض عليه، وذلك لأسباب:
أولا: فضلا من أن النبي (ص) طوال فترة مرضه، لم يسمع منه كلام لا يليق بمقامه، ولم ينقل أحد هذا المعنى، فإنه لا يحق لمسلم وفقا للموازين الدينية ان ينسب إلى النبي (ص) الهذيان والكلام العبث، علما بأنه (ص) مصون ومعصوم من قبل الله تعالى.
ثانيا: لو كان المراد من الكلام، المعنى الحقيقي له، فلا حاجة إلى ذكر العبارة التي تلتها، كفانا كتاب الله إذ لو كان المراد نسبة الهذيان إلى النبي (ص)، لكفى ذكر مرضه، لا أن يؤيد القرآن، وينفي قول الرسول (ص)، وهذا الامر لا يخفى على رجل صحابي، من أن القرآن الكريم قد فرض على الأمة الاسلامية اتباع النبي (ص)، وانه مفروض الطاعة، وكلامه عدل للقرآن. والناس ليس لهم أي اجتهاد أو اختيار امام حكم الله ورسوله.

(١) البداية والنهاية ج ٥: ٢٢٧ - شرح ابن أبي الحديد ج ١: ١٣٣ - الكامل في التاريخ ج ٢: ٢١٧ - تاريخ الرسل والملوك للطبري ج 2: 436.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»