الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٧٢
الفلسفية في المعارف الإلهية، وتكلم عن باطن القرآن، ووضع قواعد اللغة العربية حفاظا على ألفاظ القرآن الحكيم، وكان أفصح العرب بيانا، وأبلغهم خطابا (كما أشرنا في الفصل الأول من الكتاب) وكان يضرب به المثل في شجاعته، ولم يدع للقلق أو الخوف طريقا إلى قلبه، في كل الغزوات والحروب التي مارسها واشترك فيها.
والتاريخ الاسلامي لا يزال يحمل في طياته خبر الصحابة والمقاتلين في الغزوات، وقد انتابهم الفزع والخوف، وقد تكررت هذه الحالة في أكثر من واقعة، كحرب حنين و خيبر والخندق. إذ انهزم الجيش امام الأعداء، ولكن الامام كان يتصدى لحملات العدو، ولم يسلم كل من نازل الامام من أبطال العرب ومحاربيهم، فكان على العاجز عطوفا، يترك قتله، ولم يعقب على الفار من ساحة الحرب، ولم يغافل العدو ساعة الهجوم عليه، ولم يقطع الماء على الأعداء.
ومما اتفقت عليه كتب التأريخ انه عليه السلام، في معركة خيبر، تناول حلقة الباب، واقتلع الباب وهزه هزة ثم رمى به جانبا 1.
ومما ينقل أيضا، يوم فتح مكة، عندما أمر الرسول العظيم تحطيم الأصنام، كان هناك صنم يدعى (هبل) أكبر الأصنام وزنا، وأشدها ضخامة، كان قد وضع فوق الكعبة، صعد علي على أكتاف النبي (ص) بأمر منه، ورمى ب هبل إلى الأرض 2.
لم يكن له ند في تقواه وعبادته، وكان الرسول (ص) يرد على الذين يحاولون النيل منه بقوله (ص): لا تسبوا عليا فإنه ممسوس في ذات الله 3.
وذات يوم، رأى الصحابي الجليل أبو الدرداء عليا (ع) في إحدى

(١) تذكرة الخواص صفحة ٢٧.
(٢) تذكرة الخواص ٢٧ / المناقب للخوارزمي 71.
(3) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج 3: 221.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»