الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٥٧
الآية المذكورة. وصفوة القول، ان أعداء الاسلام الذين طالما حاولوا الإطاحة بالاسلام وقيمه، وتناولوا شتى الوسائل لهذا الغرض، باءت محاولاتهم هذه بالفشل، وقد خيم اليأس عليهم، فأصبحوا متربصين للأمر، وبعد وفاة الرسول (ص) الذي كان يعتبر حافظا للاسلام وحارسا له، وبوفاته يتزلزل قوام الاسلام، وتنهدم أركانه. الا ان هذه الأمنيات، فندت في يوم غدير خم، إذ أعلن نبي الاسلام ان عليا خليفته ووصيه الذي سيستخلفه للحفاظ على كيان الاسلام فعرفه للأمة، وبعد علي، أنيطت هذه المسؤولية الخطيرة لآل علي. ولمزيد من الاطلاع يراجع تفسير الميزان، الجزء الخامس صفحة 177 - 214 والجزء السادس صفحة 50 - 64، من مصنفات مؤلف هذا الكتاب.
حديث الغدير: عند عودة الرسول (ص) من حجة الوداع، مكث في مكان يدعى (غدير خم). فأمر ان يجمع المسلمون العائدون من الحج، فاجتمعوا، فخطب فيهم، ونصب عليا قائدا للأمة الاسلامية من بعده، فأعطاه الولاية، وجعله خليفة للمسلمين من بعده.
عن البراء، قال: كنا مع رسول الله (ص) في حجة الوداع، فلما أتينا على غدير خم، كشح لرسول الله (ص) تحت شجرتين ونودي في الناس، الصلاة جامعة، ودعا رسول الله (ص) عليا، وأخذ بيده فأقامه عن يمينه، فقال: ألست أولى بكل امرئ من نفسه، قالوا: بلى، قال: فان هذا مولى من انا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطاب، فقال: هنيئا لك أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
البداية والنهاية ج 5: 208 و ج 7: 346 - ذخائر العقبى للطبري طبع القاهرة 1356 صفحة 67 - الفصول المهمة لابن الصباغ ج 2: 23 وقد جاء هذا الحديث في كل من الخصائص للنسائي طبع النجف 1369 صفحة 31 - وغاية المرام للبحراني صفحة 79، عن 89 طريقا من العامة، و 43 طريقا من الخاصة.
حديث السفينة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تعلق بها فاز، ومن تخلف عنها غرق. ذخائر العقبى صفحة 20 - الصواعق المحرقة لابن حجر طبع القاهرة صفحة 84 و 150 - تاريخ الخلفاء للسيوطي صفحة 307 - كتاب نور الابصار للشبلنجي طبع مصر صفحة 114 - غاية المرام للبحراني صفحة 237 - وقد جاء الحديث المذكور في هذه الكتب، بأحد عشر طريقا من العامة، وسبعة طرق من الخاصة.
حديث الثقلين: عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (ص): كأني قد دعيت فأجبت، اني قد تركت فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. البداية والنهاية ج 5: 209 - ذخائر العقبى صفحة 16 - الفصول المهمة صفحة 22 - الخصائص صفحة 30 - الصواعق المحرقة صفحة 147 - وقد نقل هذا الحديث في غاية المرام عن العامة والخاصة، 39 طريقا عن العامة، و 82 طريقا عن الخاصة.
وحديث الثقلين هذا يعتبر من الأحاديث القطعية، وروي بأسانيد كثيرة وبعبارات مختلفة وأنه متفق على صحته، سنة وشيعة، ويستفاد من الحديث المذكور ونظائره، أمور منها:
1) لو بقي القرآن بين الناس حتى قيام الساعة، فالعترة باقية أيضا، أي لا يخلو زمن من وجود امام وقائد حقيقي للأمة.
2) لقد قدم النبي (ص) عن طريق هاتين الأمانتين كل ما يحتاج إليه المسلمون من الناحية العلمية والدينية، وعرف أهل بيته مرجعا علميا ودينيا للأمة الاسلامية، وأيد أقوالهم وأعمالهم تأييدا مطلقا.
3) لا يفترق القرآن عن أهل البيت، ولا يحق لمسلم ان يبتعد عنهم، تاركا نهجهم وارشادهم.
4) لو أطاع الناس أهل البيت، وتمسكوا بأقوالهم، لن يضلوا، وسوف يكون الحق حليفا لهم.
5) كل ما يحتاج إليه الناس من علوم ومسائل دينية، فهي موجودة لدى أهل البيت، وكل من يتابع طريقهم، لن يضل ولن يهلك، وينال السعادة الحقيقية، أي ان أهل البيت مصونون من الاشتباه والخطأ، وبهذه القرينة، يتضح ان المراد من أهل البيت والعترة، ليس كل أقرباء النبي (ص) وأولاده، بل المراد عدة معدودة منهم، وهم الذين قد نالوا المقام الأسمى من العلوم الدينية، ولم يعترهم الخطأ والنسيان، كي تتوفر لديهم صلاحية القيادة للأمة، وهم علي بن أبي طالب والأحد عشر من ولده، فان مقام الإمامة لهم، الواحد بعد الآخر، كما تشير الروايات إلى هذا المعنى.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»