الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٤٦
خاصة من الملائكة موكلين عليها.
والنوع الانساني من مخلوقاته وعباده الذين يجب عليهم اتباع أوامره ونواهيه، والاطاعة له، وما الأنبياء الا حملة شرائعه وقوانينه، يبعثهم إلى الناس، لبيان واجراء تلك الشرائع والقوانين.
فالله جل ثناؤه، لما جعل الثواب والأجر لمن آمن وأطاع، جعل العقاب والعذاب لمن كفر وعصى، وهو القائل، لن يخلف الله وعده، ولما كان عادلا، فعدالته تقتضي ان يفصل بين الفريقين في النشأة الأخرى، وهما الأخيار والأشرار، وان يمتع الأخيار بالنعيم، وللأشرار الشقاء.
وقد وعد الله تعالى بمقتضى عدله، ان يحشر الناس الذين مروا في الحياة الدنيا دون استثناء، ويحاسبهم حسابا دقيقا في معتقداتهم وأعمالهم، من صغيرة أو كبيرة، ويقضي بينهم بالحق والعدل، وفي النهاية، سيوصل إلى كل ذي حق حقه، ويأخذ لكل مظلوم نصيبه، ممن ظلمه، ويعطي أجر عمل كل عامل، ويصدر الحكم لفريق في الجنة وفريق في السعير.
هذا هو البيان الظاهري للقرآن الكريم، وقد جاء مطابقا لفكر الانسان الاجتماعي، لتكون فائدته أعم، ونطاقه أشمل.
اما الذين تعمقوا في الحقائق، ولهم القدرة على فهم المعنى الباطني للقرآن الكريم، فهم يدركون الآيات القرآنية على مستوى ارفع من العامة. والقرآن الكريم، يلوح خلال تعابيره البسيطة أحيانا بالمعنى الباطني تلويحا.
فالقرآن الكريم مع تعبيراته المختلفة، يذكر اجمالا ان الطبيعة بجميع أجزائها، والانسان أحدها، مع سيرها التكويني (والتي تسير نحو الكمال) تصير إلى الله تعالى، وسيأتي اليوم الذي تنهى حركتها وسيرها، وتفقد انيتها واستقلالها كليا.
والانسان وهو جزء من اجزاء هذا الكون، فان طريق تكامله الخاص يتم عن طريق الشعور والعلم، يسرع في طريقه إلى الله تعالى، واليوم الذي
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»