الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٥٢
لقائد، لا يستطيع ان يستمر في حياته، وفي أقل فترة ممكنة ينهار قوامه، ويسير نحو الهمجية والتحلل الخلقي.
فعلى هذا، فالشخص الذي يتولى قيادة مجتمع (سواء أكان كبيرا أم صغيرا) ويعير اهتماما لمنصبه ومقامه، يبدي عنايته لبقاء ذلك المجتمع، نجده يعين خلفا له فيما لو أراد ان يغيب عن محل عمله (سواء أكانت الغيبة مؤقتة أم دائمية) ولن يتخلى عن مقامة ما لم يعين أحدا، ولن يترك بلاده، أو بقعته دون ناظر أو حارس عليها أو قائد لها، لأنه يعلم جيدا، ان غض النظر عن هذه المهمة وعدم استخلاف أحد، يؤدي بمجتمعه إلى الزوال والاضمحلال، كما لو أراد رب البيت ان يسافر عدة أيام أو أشهر، فإنه يختار أحدهم (أو أحدا غيرهم) مكانه، ويلقي إليه مقاليد الإدارة للبيت، وهكذا الرئيس لمؤسسة أو المدير لمدرسة، أو الصاحب لحانوت، وهو يشرف على موظفين أو صناع يعملون تحت إمرته، فلو قدر ان يترك محل عمله لساعات قليلة فإنه يختار أحدهم ويعينه مكانه، كي يتسنى للآخرين الرجوع إليه، في المشكلات أو المعضلات، وقس على هذا الاسلام دين قوامه الفطرة، وذلك بنص القرآن الحكيم والسنة النبوية، وهو نظام اجتماعي، يدركه كل من له المام بهذا الدين، ومن ليس له صلة به. والعناية الخاصة التي قد بذلها الله جل وعلا، ونبيه الكريم (ص) لهذا الدين الجامع، لا ينكرها أحد، ولا يسعنا مقارنته مع أي شئ آخر.
فالنبي الأكرم (ص)، كان لا يترك المجتمع الذي دخل في الاسلام، أو المجتمع الذي قد سيطر عليه الاسلام، وكذا كل بلدة أو قرية كانت تقع تحت إمرة المسلمين، دون ان يرسل إليها واليا أو عاملا في وقت مبكر، كي يدير شؤون تلك المجتمعات أو البقاع، وكان هذا دأب النبي (ص)، في الجهاد، فعندما كان يرسل كتيبة إلى مكان ما، كان يعين قائدا لها، وكان يعين أكثر من قائد أحيانا، كما حدث ذلك في حرب (مؤتة) إذ عين (ص) أربعة، فإذا ما قتل
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»