الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣٩
وفي آية أخرى من الذكر الحكيم، يتطرق إلى موضوع الامر بقوله: انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون 1. وبمقتضى هذه الآيات ان أمر الله تعالى في خلقته للأشياء لم يكن تدريجيا، ولم يكن محددا بزمان أو مكان، ولما كانت الروح أمرا من الله اذن فهي ليست بمادة، ولم يكن في كنهها خاصة المادة التي تتصف بالتدرج والزمان والمكان.

(١) سورة يس الآية ٨٣.
٢. مبحث في حقيقة الروح من منظار آخر ان التتبعات العقلية تؤيد القرآن الكريم أيضا في موضوع الروح، كل منا يدرك حقيقة من وجوده، والتي نعبر عنها بال أنا وهذا الادراك موجود في الانسان بصورة مستمرة، وأحيانا ينسى بعض أعضاء جسمه من رأس أو يد أو سائر الأعضاء، وحتى جسمه كليا، ولكن يدرك ال أنا عندما يكون هو موجودا، وهذا المشهود كما هو مشهود، غير قابل للانقسام والتجزئة، ومع أن جسم الانسان في تغيير وتحول دائم، ويتخذ أمكنة مختلفة له، وتمر عليه أزمنة مختلفة الا ان الحقيقة المذكورة وهي ال (انا) ثابتة في واقعيتها لا تقبل التغيير أو التبديل، وواضح إذا كانت مادة، كانت تتقبل خواص المادة، بما فيها الانقسام وتغير الزمان والمكان.
نعم ان الجسم يتقبل كل هذه الخواص، وبما ان هذه الخواص لها ارتباط روحي، فتنسب إلى الروح، ولكن مع تأمل وتدبر يتجلى للانسان، أن هذا المكان وذلك المكان، وكذا هذا الشكل وذلك الشكل، وهذه الناحية
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»