الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣٨
هما واقعيتان متضادتان، فالبدن يفقد خواصه الحياتية بالموت، ويضمحل بصورة تدريجية، ولكن الروح ليست هكذا، فان الحياة أصالة للروح، وما دامت الروح في الجسم، فان الجسم يستمد حياته منها، وعندما تفارق الروح البدن، وتقطع علاقتها به، لا يقوى البدن من القيام بأي عمل، الا ان الروح تستمر في حياتها.
ومما يستنبط من تدبر الآيات القرآنية، وكلام أهل بيت العصمة (ع) ان الروح الانسانية غير مادية، ولكنها تنشئ نوعا من العلاقة والوحدة مع الجسم، إذ يقول الله تعالى في كتابه المبين:
لقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر 1.
ويتضح من سياق الآيات، ان أوائلها تصف الخلقة المادية بشكلها التدريجي، وأواخرها عندما تشير إلى خلقة الروح أو الشعور والإرادة، فإنها تصفها بخلقة أخرى، تختلف عن خلقتها الأولى.
وفي آية أخرى، في الرد على من يستبعد المعاد أو ينكره يقول إن الانسان بعد موته وتفتت أجزائه، وتمازجها مع اجزاء التربة، كيف تستعاد خلقته، ويصبح كما كان انسانا كاملا، يقول الله سبحانه: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون 2 أي ان الأرواح تقبض على يد ملك الموت من أبدانكم، وتحفظ عندنا.
وفضلا عن هذا، فان القرآن الكريم، يعرف الروح بصورتها المطلقة غير المادية، بقوله تعالى: ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي 3.

(1) سورة المؤمنون الآية 12 - 14.
(2) سورة السجدة الآية 11.
(3) سورة الإسراء الآية 85.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»