القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٤٣
طيبة وأنبته الله نباتا حسنا، ولما أتم العاشرة أدخل مكتب بعض شيوخ الكتاتيب فتعلم مبادئ الخط البسيطة وقراءة القرآن، وكان ذلك أقصى ما يبلغه المتعلمون يومئذ في تلك البلاد، على ندرة من يتعلم منهم، إذ كانت الأمية هي الغالبة على البلاد العاملية (1).
دراسته ومشايخه:
كانت مدارس العلم في ذلك العهد في تراجع مستمر، فلا تشاد مدرسة وتقوم فيها سوق للعلم ونشر المعرفة، ويتقاطر إليها الطلاب من كل صوب حتى تلفظ أنفاسها وتقفل أبوابها خلال سنين معدودة، ويعود طلابها من حيث أتوا... وقد نشأت في نفس المترجم له رغبة ملحة في طلب العلم ونزوع إلى تلقيه في مثل تلك الظروف، وكان ذلك في أوائل المئة الرابعة عشرة، فاتجه إلى بعض المدارس التي قامت على أنقاض المدارس القديمة، وسرعان ما أصابها الانحلال والتراجع أيضا، فارتحل إلى قرية " النميرية " على بعد فرسخين من مدينته، ولم يلبث فيها غير ثلاثة أشهر حتى لفظت أنفاسها على العادة، فذهب إلى " بنت جبيل " في جنوب جبل عامل على بعد ستة فراسخ من " النبطية " وكانت فيها بقايا مدرسة، فمكث فيها مثل تلك المدة فتوفي مؤسسها العلامة الشهير الشيخ موسى شرارة سنة 1304 ه‍ = 1886 م، فتفرق من فيها من الطلاب والمدرسين فعاد إلى " النبطية " يائسا.
وشاء الله أن يمد بعونه المترجم له وأترابه ويشملهم بلطفه، فقيض لمدينة " النبطية " عالما مرشدا مشاركا في العلوم وهو السيد محمد بن السيد علي آل إبراهيم، فأذكى قرائحهم ودربهم على الكتابة والخطابة ونظم الشعر وغير ذلك مما لم يكن تدريسه مألوفا، وما فارق ذلك الأستاذ " النبطية " حتى جدد السيد

(1) قال الدكتور فيليب حتى: " لقد برز اسم لبنان الشمالي بفضل علاقاته مع إيطالية وفرنسة في المحافل الدولية، أما لبنان الجنوبي بدروزه وشيعييه فقد ظل بلدا مغمورا، فلم يسترع أنظار الرحالة الأوروبيين ولم يسجل لنا أحد من أهليه شيئا عن الحياة فيه، غير أن هناك حقيقة واحدة جلية كان النصارى والدروز والشيعة يعيشون معا بانسجام وصفاء " لبنان في التاريخ / 594 - 595 ".
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست