القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٣١
دخل الانكليز وسيطروا على البلاد حتى بادرت إلى إنشاء الصلة بهم وانضمت إلى صفوفهم، وكانت من أتباعهم علانية بسبب أن جد القادياني " الميرزا غلام محمد " كان من الإقطاعيين الكبار في ولاية " البنجاب " ولذلك أعلن ولاءه للانكليز وللتاج البريطاني منذ بداية الاحتلال، فنال الحب والعطف والرعاية من الولاة، وخلفه ولده " غلام مرتضى " فعزز ذلك بوقوفه إلى جانب الانكليز عندما ثار الشعب الهندي عليهم ثورته المشهورة عام 1273 ه‍ = 1857 م ومدهم بخمسين مقاتلا فوجهوا له كتب الشكر، كما ساندهم في كل الحركات التي قامت ضدهم، وقبل التوظيف في دوائرهم.
ولما جاء دور ولده " الميرزا غلام أحمد " سار على نهج أبيه وجده في الاخلاص والولاء، فتوظف في دوائرهم وحافظ على صحبتهم، ولما ظهر على الساحة وتبلورت شخصيته وبدأ بادعاءاته التجديد فالمهدوية فالنبوة، كانوا وراء ظهره سندا في مختلف المراحل، وإلا لما استطاع أن يفوه بكلمة واحدة، فقد أعلن دعوته بصراحة في بلد فيه عشران الملايين من المسلمين، وخرق إجماع مئات الملايين من المسلمين الذين أجمعت كلمتهم على ختم النبوة، وتحدي علماءهم وشتمهم، وشبههم بالقردة والكلاب والشياطين (1) وما شابه ذلك من النعوت، وظل يواصل دعوته وينشر مزاعمه بدون اكتراث، وحقق نجاحا في بلاده وفي البلدان الإسلامية الأخرى، وظل على قيد الحياة متمتعا بالحرية والحصانة مع المشايعين لفكرته، ولم يجرأ أحد على إخماد فتنته بالقضاء عليه، بل كان الاغتيال نصيب الزعيم الهندي " غاندي " الذي تمزق جسمه النحيل بالرصاص، لأن الانكليز كانوا ضده.
ولو لم يصرح " القادياني " بعمالته للانكليز، لما كانت تخفى على أحد من ذوي البصائر، لأن العمل الذي قام به مما لا يقوي عليه رجل بمفرده كل بضاعته الكذب والدجل والافتراء وإنما كان له رصيد قوي ودعم كبير، من جهة عليا تحميه وتسدده تسخر إمكانياتها لدعمه، وبذلك استطاع الاستمرار

(1) مواهب الرحمن / 12 و 61.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست