القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٦١
قال: فلا يدل على انقطاع النبوة بعده، لأن هذا المثال إنما ذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقابلة الأنبياء الذين جاؤوا قبله، ولكن يدل الحديث على أن عيسى (عليه السلام) توفي ولا يرجع إلى هذا العالم أبدا، لأنه لا حاجة إلى إخراج لبنة من الدار أي عيسى (عليه السلام) وإرساله مرة أخرى، وإلا نضطر للاعتقاد بأن الدار ناقصة والذي يكملها ويجعلها أحسن هو عيسى (عليه السلام).
وثانيا: إن المراد من هذا المثل أن نبوة الأنبياء من حيث الشريعة ومن حيث إنهم كانوا يرسلون إلى أقوام مخصوصة لم تكن بالغة إلى نهايتها، فتمت مراتب النبوة ببعثة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم تبق مرتبة يمكن للبشر الحصول عليها إلا ونالها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فالذي يأتي بعده هو يكون من أتباعه.
ثالثا: نعم نعتقد بأنه لا يأتي بعده نبي مستقل كالأنبياء السابقين، بل إذا أتى يكون تحت حكم شريعته ومن أمته، فنبوته ليست غير نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بل هي عينها كما قال المسيح الموعود:
(وليست نبوتي إلا نبوته، وليس في جبتي إلا أنواره وأشعته، ولولاه لما كنت شيئا يذكر) إلخ...
والجواب:
1 - إن هذا الحديث الذي استنتج منه نبوة صاحبه بهذا التمحل الغريب ولم يذكره بتمامه، نرى لزاما علينا إيراده بحرفه، فقد أخرج البخاري في صحيحه مسندا إلى جابر بن عبد الله قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " مثلي ومثل الأنبياء كرجل بني دارا فأكملها وأحسنها، إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويعجبون ويقولون: لولا موضع اللبنة " (1). ثم خرج رواية أخرى مسندة إلى أبي هريرة... أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين " (1).

(١) صحيح البخاري، ج ٢، ص ١٩٦، كتاب المناقب، الباب 18.
(2) م. س، ج 2، ص 196.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست