القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ١٦٢
فأنت ترى من مجموع الروايتين على اختلاف سنديهما ما هو صريح بإكمال الدار وتحسينها وتجميلها وسد فراغ اللبنة به (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: فأنا اللبنة، وبما هو أبين وأصرح من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): وأنا خاتم النبيين، وهذا هو المقصود من هذا المثال، وأن النبيين اختتموا بنبوته لا أنه زينتهم، وهذا ما يفهمه كل عارف بأساليب الكلام.
2 - إنه عدل عن ظاهر الحديث الدال على انقطاع النبوة إلى تفسيره بمعنى غير مفهوم من لفظه بقوله: لأن هذا المثال إنما ذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقابلة الأنبياء الذين جاؤوا قبله.
لم نجد محصلا لحمل الحديث على معنى المقابلة، لأن المقابلة بمعنييها اللغويين المواجهة والمعارضة، لا مورد لواحد منهما في هذا المقام كما هو بين، وكذلك الحال في حمل المقابلة على معنى التقابل الاصطلاحي ففي التعريفات للجرجاني: " المتقابلان هما اللذان لا يجتمعان في شئ واحد من جهة واحدة قيد بهذا ليدخل المتضايفان في التعريف، والمتقابلان أربعة أقسام:
الضدان والمتضايفان والمتقابلان بالعدم والملكة، والمتقابلان بالايجاب والسلب ".
شئ من ذلك غير مفهوم من الحديث وإنما المفهوم منه وهو غير ما فهمه بالطبع أن الله عز وجل أرسل الرسل إلى الأمم مبشرين ومنذرين ما حسب استعدادهم لقبول شرائعه، مع مراعاة سنن الترقي في عقولهم وفي مجتمعاتهم، وقبولهم تلك الشرائع، حسب تدرجهم في الرقي في مختلف العصور، إلى أن استكملوا رشدهم وبلغوا أشدهم وأصبح في استطاعتهم أن يقبلوا تشريعا حكيما نافذا حكمه فيهم وفيمن يليهم ومن بعدهم إلى قيام الساعة، فكان ذلك التشريع الإسلام وكان المخصوص بالاضطلاع بأعبائه نبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام، فبشريعته استكملت الشرائع وكانت موردا عذبا مستساغا لكافة الأنام، فبرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أكملت الدار وهي الشريعة العامة الخالدة بخلود الذكر المبين، وسد ذلك الفراغ من تلك الدار باللبنة وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو خاتم المرسلين، هذا هو المفهوم من هذا المثال.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست