فإن بعث إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت به علي رسلكم، وقرأت في كتبكم، أقدم وشيكا إن شاء الله. فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله، والسلام " (1). ثم أرسلهما قبل مسلم وسرح مسلما بعدهما مع قيس، وعبد الرحمن كما ذكرنا من قبل.
قال أبو جعفر: لما حضر مسلم بالكوفة ونزل دار المختار خطب الناس عابس ثم حبيب كما قدمنا (2). ثم قام سعيد بعدهما فحلف أنه موطن نفسه على نصرة الحسين فاد له بنفسه، ثم بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين فبقي مع الحسين حتى قتل معه.
وقال أبو مخنف: خطب الحسين (عليه السلام) أصحابه في الليلة العاشرة من المحرم فقال في خطبته: " وهذا الليل قد غشيكم " الخ. فقام أهله أولا فقالوا ما تقدم، ثم قام سعيد ابن عبد الله فقال: والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) فيك، والله لو علمت أني أقتل ثم أحبي ثم أحرق حيا ثم أذر يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك، وإنما هي فتلة واحدة. ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا (3). وقام بعده زهير كما تقدم.
وروى أبو مخنف: أنه لما صلى الحسين الظهر صلاة الخوف، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد القتال، ولما قرب الأعداء من الحسين وهو قائم بمكانه، استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا، وهو قائم بين يدي الحسين