الحر فسطاطه فأوسع له عن صدر مجلسه واستقبله إجلالا وجاء به حتى أجلسه.
قال يزيد بن مرة: فحدثني عبيد الله بن الحر قال: دخل علي الحسين (عليه السلام) ولحيته كأنها جناح غراب! فما رأيت أحدا قط أحسن ولا أملأ للعين منه، ولا رققت على أحد قط رقتي عليه حين رأيته يمشي وصبيانه حوله، فقال الحسين (عليه السلام): ما يمنعك يا بن الحر أن تخرج معي!؟ فقال ابن الحر: لو كنت كائنا مع أحد القريقين لكنت معك، ثم كنت من أشد أصحابك على عدوك، فأنا أحب أن يعفيني من الخروج معك، ولكن هذه خيل لي معدة وأدلاء من أصحابي، وهذه فرسي المحلقة فوالله ما طلبت عليها شيئا قط إلا أدركته ولا طلبني أحد إلا فته، فاركبها حتى تلحق بمأمنك وأنا لك ضمين بالعيالات حتى أديهم إليك أو أموت وأصحابي عن آخرهم دونهم وأنا كما تعلم إذا دخلت في أمر لم يضمني فيه أحد.
قال الحسين (عليه السلام): " أفهذه نصيحة لنا منك يا بن الحر "؟ قال: نعم، والله الذي لا شئ فوقه! فقال له الحسين (عليه السلام): " إني سأنصح لك كما نصحت لي إن استطعت أن لا تسمع صراخنا: ولا تشهد واعيتنا فافعل، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا أكبه الله في نار جهنم ".
ثم خرج الحسين (عليه السلام) من عنده (1) وعليه جبة خز وكساء وقلنسوة موردة ومعه صاحباه الحجاج ويزيد وحوله صبيانه فقمت مشيعا له وأعدت النظر إلى لحيته، فقلت: أسود ما أرى أم خضاب؟ فقال (عليه السلام): " يا بن الحر عجل علي الشيب " فعرفت أنه خضاب وودعته (2).
وقال ابن شهرآشوب وغيره: لما كان اليوم العاشر من المحرم ووقع القتال تقدم