ينكرها، فأخرج إليه معقلا، فلما رآه عرف أنه عين فاعترف بها، وقال لابن زياد: إن مسلما نزل علي وأنا أخرجه من داري. فقال ابن زياد: ألم تكن عندك لي يد في فعل أبي زياد بأبيك وحفظه من معاوية؟ فقال له: ولتكن لك عندي يد أخرى بأن تحفظ من نزل بي، وأنا زعيم لك أن أخرجه من المصر، فضربه ابن زياد بسوطه حتى هشم أنفه، وأمر به إلى السجن (1).
وروى أبو مخنف: إن ابن زياد لما أبلغه معقل بخبر هاني أرسل إليه محمد بن الأشعث، وأسماء بن خارجة وقال لهما: أتياني بهاني آمنا. فقالا: وهل أحدث حدثا؟ قال: لا. فأتياه به وقد رجل غدير تيه يوم الجمعة فدخل عليه، فقال ابن زياد له:
أما تعلم أن أبي قتل هذه الشيعة غير أبيك؟ وأحسن صحبتك وكتب إلى أمير الكوفة يوصيه بك، أفكان جزائي أن خبأت في بيتك رجلا ليقتلني؟! وذكر له ما أراده شريك من مسلم وما امتنع لأجله مسلم، فقال هاني: ما فعلت. فأخرج ابن زياد عينه، فلما رآه هاني علم أن وضح له الخبر، فقال: أيها الأمير، قد كان الذي بلغك ولن أضيع يدك عندي أنت آمن وأهلك، فسر حيث شئت، فكبا عبيد الله ومهران قائم على رأسه وبيد هاني معكزة بها زج يتوكأ عليها، فقال مهران: واذلاه! أهذا يؤمنك وأهلك!؟
فقال عبيد الله: خذه، فأخذ بضفيرتي هاني وقنع وجهه، فأخذ ابن زياد المعكزة فضرب بها وجه هاني، وندر الزج فارتز بالجدار، ثم ضرب وجهه حتى هشم أنفه وجبينه، وسمع الناس الهيعة، فأطافت مذحج بالدار فخرج إليهم شريح القاضي، فقال: ما به بأس، وإنما حبسه أميره، وهو حي صحيح. فقالوا: لا بأس بحبس الأمير، وجاءت أرباع مسلم بن عقيل فأطافوا بالقصر، فخذلهم الناس (2) كما تقدم.