يلبسوا الظلم إيمانهم، ولم يشوبوا بشك إنفاقهم، بذلوا الأجساد في طاعتهم، وجادوا بالأرواح في نصرتهم، فأثبتهم سبحانه في ديوان خواصه، وشرفهم بتشريفه واختصاصه، وألحقهم بدرجة ساداتهم، ورقى بهم إلى منزل قادتهم، لما بذلوا الأرواح والأجساد في جهاد الأعداء طاعة لربهم، وتلقوا الصفاح والصعاد من أكف الأشقياء في حربهم، وقويت بامتثال عزائم الله منهم العزائم، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، جعلهم أشرف أهل الجنة بعد الأنبياء والمرسلين، وسادة الشهداء من الأولين والآخرين... " (1).
وأما عن عددهم فقد تفاوتت المصادر التأريخية في هذا الصدد، لكن أعلا عدد ذكره التأريخ لهم أنهم تجاوزوا المائة بقليل (لمن حضر كربلاء مع الحسين (عليه السلام))، وكذلك فقد تفاوتت المصادر التأريخية في عدد الشهداء، غير أن المشهور - كما عن المفيد (رحمه الله) - أنهم كانوا اثنين وسبعين شخصا (2).
وكان فيهم من غير بني هاشم خمسة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأربعة وعشرون من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) عدا أولئك الخمسة من الصحابة، كما أثبت ذلك المرحوم الشيخ محمد السماوي في هذا الكتاب.
يقول صاحب كتاب (الحسين سماته وسيرته): "... أصحاب الحسين (عليه السلام) - على قلة العدد - ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والفداء، وكانوا أكبر من جيش الكوفة في الشجاعة والبطولة والإقدام، وقد مجد الإمام الحسين (عليه السلام) بموقفهم العظيم في كلماته وخطبه في " يوم عاشوراء "... أما هم، فكانوا يقفون ذلك الموقف عن بصائر نافذة وعن خبرة وعلم اليقين بالمصير، ولقد أصبح إيثارهم بأرواحهم لسيدهم الإمام