لمجاورته في دار السلام فهذا إعانة المؤمنين لأنفسهم في الفوز بجوار الإمام في دار السلام ومقام الكرام كما أن مخالفته في الأعمال توجب الحرمان من هذا الثواب، والبعد عن جوار الأئمة الأطياب.
- ويشهد لذلك ما رواه ثقة الإسلام الكليني (رضي الله عنه) في روضة الكافي (1) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن حماد اللحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن أباه قال: يا بني إنك إن خالفتني في العمل لم تنزل معي غدا في المنزل، ثم قال (عليه السلام): أبى الله عز وجل أن يتولى قوم قوما يخالفونهم في أعمالهم، ينزلون معهم يوم القيامة كلا ورب الكعبة انتهى.
ولا بأس بأن نختم المقال في هذا المجال بتحقيق الحال في تعيين هؤلاء الرجال، والباعث لنا على هذا التنبيه خفاؤه على بعض الفحول فزعم في كتابه مرآة العقول أن هذا الحديث مجهول.
فأقول: مستعينا بالله ومستمدا من آل الرسول (صلى الله عليه وآله) إن الحديث المذكور عندي معدود من الأحاديث الصحاح وإن أردت الإيضاح وهويت رفع الاجاح، فاخفض الجناح، وأحضر قلبك لما قد ساح (2) واعلم أن محمد بن يحيى العطار وهو محمد بن يحيى الثقة الجليل، ونعطيك قاعدة كلية أنه كلما وقع محمد بن يحيى في أول سند الكافي فهو هذا الشخص الثقة الجليل.
وأما أحمد بن محمد، الواقع في طريق هذا الحديث فهو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، الثقة الجليل شيخ القميين ووجههم وفقيههم.
وأما الحسن بن علي فالذي ظهر لنا من التتبع في الأخبار وكتب الرجال، أنه الحسن بن علي بن فضال، وهو ثقة جليل، عابد ورع مفضال، وقد ذكروا له مناقب جمة، وعبادات مهمة ومقاماته عند الأسطوانة السابعة من مسجد الكوفة معروفة وأيامه بكثرة العبادة وطول السجود موصوفة، وهو وإن كان في بعض عمره من الفطحية ولكنه رجع عن هذا الاعتقاد،