كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علما يرى؟ فلا ينجو من تلك الحيرة إلا من دعا بدعاء الغريق (1) فقال أبي: هذا والله البلاء فكيف نصنع جعلت فداك حينئذ؟
قال (عليه السلام): إذا كان ذلك ولم تدركه فتمسكوا بما في أيديكم حتى يصح لكم الأمر.
ورواه الشيخ الصدوق في كمال الدين (2) وتمام النعمة أيضا وفيه: حتى يتضح لكم الأمر.
أقول: تأمل في هذا الحديث الشريف، وفي أخبار الصادق (عليه السلام) بغيبة الإمام وانقطاع السفير بينه وبين الأنام في الغيبة الكبرى وأمر المؤمنين بالتمسك بما في أيديهم إلى حين ظهور الإمام (عج).
والمراد بما في أيديهم: هو ما أمروا به من الأصول، والفروع، والسنن، ومتابعة العلماء العاملين، وحفظة أخبار الأئمة الطاهرين، سلام الله عليهم أجمعين. وقد نبه على هذا المرام الشيخ النعماني (رضي الله عنه) فقال بعد (3) كلام له في ذلك المقام: وفي حديث عبد الله بن سنان:
كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علما يرى، دلالة على ما جرى، وشهادة بما حدث من أمر السفراء الذين كانوا بين الإمام (عليه السلام) وبين الشيعة من ارتفاع أعيانهم، وانقطاع نظامهم، لأن السفير بين الإمام في حال الغيبة وبين شيعته هو العلم فلما تمت المحنة على الخلق، ارتفعت الأعلام ولا ترى حتى يظهر صاحب الحق (عليه السلام) ووقعت الحيرة التي ذكرت، وآذننا بها، وصح أمر الغيبة التي يأتي شرحها وتأويلها فيما يأتي من الأحاديث بعد هذا الفصل نسأل الله أن يزيدنا بصيرة وهدى ويوفقنا لما يرضيه برحمته. انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه.