الصوت ونحوها، مما ينافي التعظيم والتوقير.
هذا ما حضرني من الأمور التي يحصل بها تعظيم تلك المواقف والمشاهد بحسب التأمل والتدبر في الأمور العرفية، والآداب الواردة لتعظيم المساجد وغيرها ولأنها إنما وردت بسبب كونها تعظيما وتكريما كما نبهنا عليه. ولعلك بالتأمل والتتبع تطلع على أزيد مما ذكرناه وأشرنا إليه، وههنا فروع:
الأول: الظاهر نظرا إلى رواية أبي بصير السابقة كراهة الدخول والمكث في مواقفهم ومشاهدهم جنبا وذهب بعض الفقهاء إلى الحرمة، تمسكا بروايات لا دلالة لها على مطلوبهم وإلحاقا بالمساجد وهو قياس لا نقول به وتعظيما لها وفيه تفصيل سنذكره في الفرع الآتي.
الثاني لو فعل ما ينافي التعظيم، فإن كان الفعل بمجرده مما يحصل به الهتك كإدخال العذرة مثلا فيها، كان حراما بلا شبهة وأما إن لم يكن كذلك فإن فعله بقصد التهتك والإهانة كان حراما أيضا وإلا فلا.
الثالث: لو رأى من يفعل فيها ما ينافي التعظيم، فإن كان من القسم الأول أو الثاني وجب نهيه وردعه، وإن كان من القسم الثالث استحب نهيه.
الرابع: من سبق إلى مكان من تلك المواقف لاستيفاء المنفعة المقصودة المعدة لها تلك المواقف والمشاهد، كان أولى من غيره، وثبت له حق الأولوية طول يومه أو ليلته ما لم يعرض عنه سواء ارتحل عنه لحاجة أم لا وسواء بقي له رحل في ذلك الموضع أم لا وسواء طالت غيبته عنه أم لا.
- والدليل على ذلك صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: نكون بمكة أو بالمدينة، أو بالحير، أو بالمواضع التي يرجى فيها الفضل، فربما يخرج الرجل يتوضأ ويجيء آخر فيصير مكانه قال (عليه السلام) من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته.
أقول: هذا الحديث وإن كان مرسلا لكنه مجبور بعمل الأصحاب رضي الله عنهم واعتمادهم عليه وتأيده بالحديثين الآتيين، مضافا إلى كون المرسل من الأجلاء والتعبير عن المرسل عنه ببعض أصحابه، إذ فيه إشعار تام بالوثاقة ولا كذلك التعبير برجل ونحوه.