كل مكان يكون تعظيمه مصداقا لتعظيم شعائر الله بلا واسطة، أو مع الواسطة وإن لم يكن في ذلك المكان من ينتفع بالسراج، لأن الاحترام لمن ينتسب إليه المكان وتعظيمه يحصل بالإسراج في المكان المنسوب إليه عرفا، وإن لم يكن فيه من ينتفع به أو كان فيه سرج متعددة بحيث لا يحتاج إلى الإسراج لأن التعظيم والاحترام في نفسه غرض صحيح مرغوب فيه، والانتفاع غرض آخر، فإذا اجتمع الغرضان ضوعف الأجر والثواب.
ومن هنا يتجه القول باستحباب إيقاد السرج الكثيرة في المواضع الشريفة، كالمساجد، والمنابر، ومجالس تعزية الأئمة، والمشاهد، والمعابد، ومقابر العلماء، والصالحين، وأولاد الأئمة الراشدين، وفي الأزمنة المنتسبة إليهم، كليالي ولادتهم، وهذا أصل شريف تتفرع عليه فروع كثيرة، وقد خفي على جمع ممن يدعي العلم والبصيرة.
ومنها: فحوى ما دل على فضيلة الأرض التي دفن فيها الإمام وتجليلها إذ لا ريب في أن تلك الفضيلة إنما هي بواسطة كون الأرض موقفا ومقرا لجسده الشريف بعد موته، وهذا السبب جار في كل مكان، كان موقفا له في زمان حياته كما لا يخفى.
ومنها فحوى ما دل على فضل ليلة ولادته، عجل الله تعالى فرجه، وما ورد في تعظيمها، وتشريفها، لوضوح أن ذلك بسب انتسابها إليه، لوقوع ولادته فيها. وهذا السبب أعني الانتساب إليه موجود في مواقفه ومشاهده وسائر ما ينتسب إليه.
ومما يؤيد جميع ما ذكرناه ويؤكده أنه لا ريب في تساوي جميع الأمكنة والأراضي بحسب الخلقة الأصلية، ولا فضل لبعضها على بعض، إلا بسبب عروض شئ أوجب شرفه وفضله على غيره ولا شبهة في أن من أعظم الأسباب الموجبة لذلك أن يكون موقفا لأحد من الأئمة أو مدفنا له ولا ريب أيضا في أن لأبدانهم الشريفة آثارا في كل ما له قابلية لظهور الآثار فيه.
ولهذا لم تؤثر النار في منديل مسح رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده به إجلالا له (صلى الله عليه وآله) ولا خفاء أيضا في أن من تبرك بذلك المنديل لانتسابه إليه (صلى الله عليه وآله) عد فعله في أنظار المؤمنين تعظيما لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن استشفى بالتمسح به من بعض الأوجاع كان شفاء له البتة، كما أن من أساء الأدب إليه عد مسيئا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا جار في كل شئ ينتسب إليه، أو إلى أحد من الأئمة الطاهرين.