مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
الغيبة، وعلى ما يصيبهم من الفتن والبليات والمحن والأذيات وما يرون من الأعداء وجفاء الأخلاء وغيرها بأن يذكر لهم فضائل الصبر وتعقبه بالظفر والفرج حتى لا ييأسوا بسبب طول الغيبة ولا يرتابوا لما يرون أعداءهم في الراحة، والسعة والنعمة. ويعلموا أن ذلك مما أخبر به الصادقون فكما ظهر صدق ما قالوه من ابتلاء أهل الإيمان وغلبة الأعداء كذلك يظهر صدقهم في ظهور الفرج والرخاء لهم إن شاء الله تعالى.
وليعلموا أن من صبر، وانتظر فاز بالفرج والظفر إما بالفرج الأعظم، أو بما دونه من أقسام الفرج بل نفس الانتظار من أقسام الفرج ألا ترى أنه لو كان شخص مبتلى بديون كثيرة، لكن يعلم أنه يأتيه السعة بعد مدة من بعض النواحي، تسلت نفسه بانتظار تلك السعة وانقضاء تلك المدة ليستريح من مشقة تحمل ديونه أو كان شخص مريضا مبتلى بأمراض عديدة لكنه يعلم أن في بعض النواحي طبيبا حاذقا يأتيه بعد مدة فيعالجه ويستريح من تلك الأمراض كان انتظاره لانقضاء هذا الأمد ومجئ ذلك الطبيب المعتمد تسلية لنفسه، وتقوية لقلبه وتفريجا لهمه وتسكينا لغمه.
- ولذلك قال الصادق (عليه السلام) لأبي بصير (1) لما قال له جعلت فداك متى الفرج؟! يا با بصير أنت ممن يريد الدنيا من عرف هذا الأمر فقد فرج عنه بانتظاره.
- وعن محمد بن الفضيل عن الرضا (عليه السلام) (2) قال: سألته عن شئ من الفرج فقال (عليه السلام) أليس انتظار الفرج من الفرج؟ إن الله عز وجل يقول: * (فانتظروا إني معكم من المنتظرين) *.
- وعن الحسن بن (3) جهم قال: سألت أبا الحسن عن شئ من الفرج فقال أو لست تعلم أن انتظار الفرج من الفرج؟ قلت: لا أدري إلا أن تعلمني. فقال (عليه السلام): نعم، انتظار الفرج من الفرج.
- وفي النعماني (4) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال هلك أصحاب المحاضير ونجا المقربون، وثبت الحصين على أوتادها، إن بعد الغم فتحا عجيبا.
- وعن علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام) إن الشيعة تربى بالأماني، منذ مأتي

1 - البحار: 52 / 142 ح 54 وغيبة النعماني: 180.
2 - البحار: 52 / 128 ح 22.
3 - البحار: 52 / 130 ح 29.
4 - غيبة النعماني 104 فيما أمر به الشيعة.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»