ولا يعرفونه.
واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله عز وجل، ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم، وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجة الله لساخت بأهلها، ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس، وهم له منكرون.
- وفيه (1) أيضا بإسناده أنه دخل على الصادق (عليه السلام) بعض أصحابه، فقال له: جعلت فداك، إني والله أحبك وأحب من يحبك يا سيدي. ما أكثر شيعتكم فقال (عليه السلام) له: أذكرهم.
فقال: كثير فقال (عليه السلام) تحصيهم فقال هم أكثر من ذلك فقال أبو عبد الله (عليه السلام) أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي يريدون ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، وشحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا غاليا ولا يخاصم بنا واليا ولا يجالس لنا غائبا، ولا يحدث لنا ثالبا، ولا يحب لنا مبغضا، ولا يبغض لنا محبا.
فقلت، فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون فقال (عليه السلام) فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل يأتي عليهم سنون تفنيهم وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم، إنما شيعتنا من لا يهر هرير (2) الكلب ولا يطمع طمع الغراب ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا.
قلت: جعلت فداك، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة.
فقال (عليه السلام) اطلبهم في أطراف الأرض، أولئك الخشن عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا وإن ماتوا لم يشهدوا أولئك الذين في أموالهم يتواسون وفي قبورهم يتزاورون ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان.
ورواه بطريق آخر وزاد فيه: وإن رأوا مؤمنا أكرموه، وإن رأوا منافقا هجروه وعند الموت لا يجزعون، وفي قبورهم يتزاورون، تمام الحديث.