مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٨
- وفي تفسير النيسابوري، إنه قرئ عند ابن مسعود قوله تعالى (1) * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) * فقال: إن هذا في آخر الزمان.
أقول: والروايات في هذا الباب كثيرة، تركنا ذكرها حذرا من الإطالة والمهم في هذا المقام دفع ما ربما يسبق إلى بعض الأوهام، من وقوع الاختلاف في الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وهذا لمن لم يمعن النظر فيها، ولم يتدبر حق التدبر، فيوهمه في بادئ النظر تطرق التهافت بين الروايات، من حيث أمرهم في بعضها بالدعوة والإظهار، وفي بعضها بالكتمان والاستتار.
وتوضيح ذلك بحسب ما استفدنا من الأخبار ببركة الأئمة الأبرار (عليهم السلام): أن الناس على قسمين: إما عالم عارف بالحق، أو غير عالم، والقسم الثاني منهم على ثمانية أصناف:
الصنف الأول: العوام الجاهلون الذين لا يأبون قبول الحق إذا عرفوه.
الصنف الثاني: أهل الشبهة والحيرة، الذين هم بصدد تحقيق الحق، ولكن وقعوا في الشبهة والحيرة بسبب من الأسباب.
الثالث: أهل الضلال، الذين وقعوا في ذلك من جهة مجالسة المضلين، أو إخطائهم في طريق تحصيل العلم والمعرفة أو نحوهما، وهؤلاء الثلاثة يجب على العالم إرشادهم، وهدايتهم ودعوتهم عقلا ونقلا.
- وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما حاصله لأن يهدي الله بك أحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس.
الصنف الرابع: الجاحدون المعاندون للحق، الذين إذا ذكر الحق عندهم استهزأوا به، وسخروا بالإمام وبالداعي إلى الحق.
الصنف الخامس: الجاحدون المعاندون الذين يصير إظهار الحق عندهم سببا للضرر على النفس أو العرض، أو المال وهذان الصنفان يجب التقية عنهم، وكف اللسان عندهم عقلا ونقلا كما لا يخفى على البصير.
- ففي الكافي (2) بإسناد صحيح عن عبد الأعلى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له والقبول فقط، من احتمال أمرنا ستره وصيانته من غير

١ - المائدة: ١٠٥.
2 - الكافي: 222 باب الكتمان ح 5.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»