شفيعهم الخ، مع أن الأئمة والأنبياء أيضا شفعاء يوم القيامة.
وقد ورد في الزيارة الجامعة: أنتم السبيل الأعظم، والصراط الأقوم. وهذا لا ينافي تفسير السبيل بدين الله ونحوه، لما ذكرنا من أن كمال الدين ليس إلا بمعرفة الإمام (عليه السلام) ولهذا نزل قوله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * الخ، بعد أن نصب النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) للخلافة، ودل على معرفته ومعرفة الأئمة من بعده (عليه السلام) فتحصل مما ذكرنا حرمة الكتمان، ووجوب الدعوة إلى معرفة مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) وإطاعته بحكم الآية الشريفة.
الأمر الثالث: إن للدعوة إليه كيفيات ثلاث بحسب اقتضاء الحال، وتفاوت مراتب المدعوين في النقص والكمال فقد يجب إعمال جميع مراتب الدعوة وقد يحصل الغرض بإعمال بعضها فأول مراتب الدعوة بحسب الشأن والرتبة الدعوة بالحكمة، ولهذا قدم ذكرها على الموعظة والمجادلة.
وقد فسرت الحكمة في بعض الروايات بطاعة الله، ومعرفة الإمام، وفي بعضها بمعرفة الإمام واجتناب الكبائر، التي أوجب الله عليها النار والعقاب، وفي بعضها بالمعرفة والتفقه في الدين. وقد روي غير ذلك أيضا.
والكلمة الجامعة لمعنى جميع ما ذكر في ذلك: العلم والعمل، وهو المناسب للمعنى اللغوي أيضا فإنها مستعارة من الحكمة بفتحتين، ما أحاط بحنكي الدابة من لجامها، يمنعها من الخروج. وكذلك العلم والعمل يمنعان صاحبهما من الخروج عن طاعة الله عز وجل، والدخول في طاعة الشيطان، والورود في المزلات، والاقتحام في الهلكات كما قال الله تعالى (1) * (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ومن يتق الله يجعل له مخرجا) * ولذلك قال عز من قائل: (2) * (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب) * فمن وفق للعلم والعمل فاز حقيقة بمعرفة الأئمة (عليهم السلام) وهي الخير الكثير.
- ومن هنا يظهر لك معنى ما ورد من تفسير الخير الكثير بمعرفة أمير المؤمنين والأئمة، ومعنى قول الصادق (عليه السلام): نحن أصل الخير، وفروعه طاعة الله وعدونا أصل الشر، وفروعه معصية الله، الخبر. فتدبر في هذا المقام، ليتضح لك المرام وقد ظهر لك بما بيناه،