وإعراض عنه بسبب إعراضه عن الحق، قال الله عز وجل * (نسوا الله فنسيهم) * وقال تعالى * (ويضل الله الظالمين) * وقال عز اسمه * (فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا) *.
الوجه الثاني: إن الأمور المذكورة أي الإخلاص، والنصيحة للأئمة، والملازمة لهم، وسيلة وأسباب لاحتفاظ القلب من الخيانة، وهذا الوجه مبني على كون الجملة خبرية، ويكون " على " بمعنى مع، أو للسببية والنصيحة على هذا الوجه يمكن أن يراد بها النصيحة القلبية، وهي إرادة الخير للمنصوح في جميع ما يتعلق به، أو النصيحة في الأعمال البدنية، والمصارف المالية، وهي كل فعل أو قول يراد به الخير للمنصوح فتدبر.
الوجه الثالث: أن تكون الجملة خبرية، ويكون الحديث بصدد بيان علامات المؤمن، وهو المسلم الواقعي المنعوت في القرآن المجيد بقوله عز وجل * (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى) * فإن حقيقة الإيمان معرفة الله عز وجل وإخلاص العمل له، ومعرفة ولاة الأمر، رسول الله والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وملازمتهم (عليهم السلام)، والنصيحة لهم وهذه أمور لا يغل عليهن قلب المسلم الواقعي، وهذا الوجه يلائم كون يغل من الغلول بمعنى الخيانة، وكونه من الغل ضد الانشراح كما لا يخفى.
الوجه الرابع: أن تكون الجملة خبرية، ويقرأ " يغل " بضم الياء مبنيا للمفعول ويكون " على " بمعنى مع، أو للسببية ويكون المسلم بمعناه المعروف وهو أعم من المؤمن ويراد بأئمة المسلمين أمير المؤمنين. والأئمة المعصومين من ولده (عليهم السلام).
وحاصل المعنى أن كل مسلم اجتمعت فيه تلك الأمور وهي إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، انشرح قلبه وسلم من طبع القلب وكان ممن شرح الله صدره للإسلام، فهو على نور من ربه وإذا لم تجتمع فيه تلك الأمور طبع الله على قلبه، وكان مصداقا لقوله تعالى * (وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم..) * الخ، فإن للكفر مراتب ودرجات بعضها فوق بعض، ولكل مرتبة آثار خاصة نعوذ بالله تعالى كما أن للإيمان أيضا مراتب ودرجات بعضها فوق بعض ولكل مرتبة آثار خاصة، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لتكميل مراتب الإيمان، والنصيحة لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام).