ومنها: قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد نبهنا على ما ينفعك هنا في الباب الخامس عند ذكر المكرمة الثانية عشرة، وإن شئت أن أذكر جميع الأمور المقتضية للسعي في خدمته (عليه السلام) خرج عن طاقتي، ولم تسعه كتابتي، لأنها أكثر من أن تحصى، وأوسع من أن تستقصى ولما سبق ذكره، من أن جميع ما نتقلب فيه من نعم الله الظاهرة والباطنة، ليس إلا ببركة وجوده (عليه السلام) ففي كل نعمة أحسن الله بها إلينا: حق ثابت له علينا فيحق علينا أداء شكره، كما يحق علينا شكر باريه تعالى شأنه، وعظمت آلاؤه فثبت أن الأمور المقتضية للسعي في خدمته أكثر من أن تحصى، لقوله تعالى: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) *.
الأمر الثاني: إعلم أن الخدمة أخص من النصرة من جهتين:
إحداهما: إن الخدمة تحصل بالمباشرة، أعني مباشرة الخادم لما يفعله، والنصرة، تحصل بغير المباشرة أيضا.
وثانيهما: إن الخدمة تشتمل على التواضع، والتذلل للمخدوم، بخلاف النصرة فكل خدمة نصرة، ولا عكس كما لا يخفى.
الأمر الثالث: إن خدمة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه تحصل بمباشرة فعل أمر به (عليه السلام) أو فعل فيه توقير وتجليل، أو نصرة له أو إحسان إليه، سلام الله عليه وإن لم يأمر به بالخصوص. وقد تجتمع هذه العناوين في بعض الأعمال الحسنة، كالدعاء بتعجيل فرجه، وإقامة المجالس المعدة لذكره، وتأليف الكتب الراجعة إليه، ونشرها، ومدارستها، والصلاة والتسليم عليه، والإحسان إلى مواليه وشيعته إذا صدر بقصد خدمته فإن الروايات تدل على أن الإحسان إلى شيعتهم ومواليهم، إحسان إليهم، وصلتهم بمنزلة صلتهم، والاستخفاف بهم، استخفاف بهم والعقل أيضا قاض بذلك.
- فمن الأخبار الدالة على ما ذكرنا ما في كامل الزيارة (1) بإسناده عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا، يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي موالينا، يكتب له ثواب صلتنا.
- ومنها ما في روضة الكافي (2) بإسناده عن أبي هارون، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
قال (عليه السلام) لنفر عنده، وأنا حاضر: ما لكم تستخفون بنا! قال: فقام إليه رجل من خراسان، فقال: