مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٤٦
ويشهد لما دللنا عليه قوله: فإن أيام الغيبة تشتاق إليه، ولا تسأل الاجتماع معه إنه عزائم الله الخ، إذ لو كان رؤيته والاجتماع معه ولو في بعض الأحيان من عزائم الله في صاحب الزمان لم يتفق ذلك لأحد من أهل الإيمان وهذا مخالف للعيان لأن الروايات والحكايات في الفائزين بهذا المرام من المؤمنين يوجب اليقين لأهل اليقين.
ثم لا يخفى أن قوله: تشتاق إليه جملة خبرية في مقام الإنشاء مفادها الأمر بالشوق إليه صلوات الله وسلامه عليه.
- ويدل على فضل الشوق إليه لأهل الإخلاص ما روي في البحار (1) عن الاختصاص بإسناده عن محمد بن مسلم قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل فقيل له: محمد بن مسلم وجع فأرسل إلي أبو جعفر بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي أشربه فإنه قد أمرني أن لا أرجع حتى تشربه فتناولت فإذا رائحة المسك منه وإذا شراب طيب الطعم بارد فلما شربته قال لي الغلام: يقول لك إذا شربت فتعال، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي فلما استقر الشراب في جوفي كأنما أنشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه فصوت بي: فصح الجسم ادخل، فدخلت أنا، وأنا باك فسلمت وقبلت يده ورأسه فقال لي: وما يبكيك يا محمد؟ فقلت: جعلت فداك أبكي على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك، والنظر إليك.
فقال (عليه السلام) لي: أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعا وأما ما ذكرت من الغربة فلك بأبي عبد الله أسوة بأرض ناء عنا بالفرات وأما ما ذكرت من بعد الشقة فإن المؤمن في هذه الدنيا غريب وفي هذا الخلق منكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك، فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه.
أقول: رواه في المزار عن كامل الزيارة (2) مع زيادات فيه متعلقة بفضل التربة المباركة الحسينية صلوات الله وسلامه عليه.

١ - البحار: ١٠١ / ١٢٠ باب ١٦ ح ٩.
٢ - كامل الزيارات: ٤٦٣.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»