مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٢٨
فأعاد عليه الحديث فقال (عليه السلام) عليكم بهذا البيت فحجوه أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا! فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (عليه السلام) بدرا، وإن مات منتظرا لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه هكذا في فسطاطه - وجمع بين السبابتين - ولا أقول هكذا - وجمع بين السبابة والوسطى - فإن هذه أطول من هذه فقال أبو الحسن (عليه السلام) صدق.
أقول: لا تنافي هذه الرواية ما ورد في الأخبار من استحباب المرابطة حتى في زمان الغيبة، فإن الظاهر أن غرض السائل الفوز بثواب الرباط والجهاد فدله (عليه السلام) على الحج والانتظار، فيحصل له ثواب الجهاد والرباط والحج جميعا وأما الرباط فلا يدرك به ثواب الحج.
ويؤيد ما ذكرناه أنه (عليه السلام) قال: عليكم بهذا البيت الخ، ولم يقل لا ترابطوا أو لا يجوز أو لا يحل، ونحوها والله العالم (1).
- وفي تفسير النعماني (رضي الله عنه) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنة. وإنما عنى بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الإئتمام بالإمام الخفي المكان المستور عن الأعيان، فهم بإمامته مقرون، وبعروته مستمسكون، ولخروجه منتظرون، موقنون غير شاكين، صابرون مسلمون، وإنما ضلوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه، يدل على ذلك أن الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا على أوقات الصلاة، فموسع عليهم تأخير الوقت ليتبين لهم الوقت بظهورها فيستيقنوا أنها قد زالت. فكذلك المنتظر لخروج الإمام، المتمسك بإمامته موسع عليه جميع فرائض الله الواجبة عليه، مقبولة منه بحدودها، غير خارج عن معنى ما فرض عليه فهو صابر محتسب، لا تضره غيبة إمامه.
- وفي كمال الدين (2) عن محمد بن النعمان عن أبي عبد الله (عليه السلام): أقرب ما يكون العبد إلى الله عز وجل وأرضى ما يكون عنه، إذا افتقدوا حجة الله، فلم يظهر لهم، وحجب عنهم فلم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لا تبطل حجج الله ولا بيناته عندها فليتوقعوا

١ - ويحتمل أن يكون غرضه أنه لا يجوز الجهاد إلا بإذن الإمام وهو موقوف على خروج القائم (لمؤلفه).
2 - كمال الدين: 2 / 339 باب 33 ذيل ح 17.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»