مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٣٩
المقام الخامس في بيان حكم ضد الانتظار وهو اليأس فنقول إنه يتصور على أقسام:
الأول: اليأس من أصل ظهور القائم بالكلية، ولا شبهة في حرمة ذلك اتفاقا لأن ظهور القائم وقيامه من ضروريات مذهب الإمامية بأجمعهم بل يحتمل أن يكون أصل ظهور القائم من ضروريات دين الإسلام، لأن الأحاديث فيه متواترة عن خير الأنام من طرق الخاص والعام بل اعتراف علمائهم بهذا المرام وإنما الخلاف في تعيين شخصه ووجوده فعلا، في قبال العامة القائلين بأنه سيوجد فإنكاره بالكلية تكذيب للنبي (صلى الله عليه وآله).
ويشهد لما ذكرنا ما حكاه المجلسي (رضي الله عنه) عن ابن أبي الحديد (1) الذي هو من أعيان العلماء العامة أنه قال: قد وقع اتفاق الفرق من المسلمين على أن الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا على مهدي، انتهى.
القسم الثاني: اليأس من ظهور القائم (عليه السلام) في مدة معينة بحسب الحدسيات والوهميات بأن يقال مثلا إن القائم صلوات الله عليه لا يظهر إلى خمسين سنة، ولازم ذلك عدم الانتظار في تلك المدة والظاهر من ملاحظة الأحاديث الآمرة بالانتظار في كل صباح ومساء حرمة هذا القسم من اليأس لظهور الأمر في الوجوب، وترك الواجب محرم قطعا.
وأما الأحاديث الدالة على المطلوب فقد مر جملة منها.
ومنها: رواية حماد بن عثمان المروية في الإقبال (2) عن الصادق (عليه السلام) قال وتوقع أمر صاحبك ليلك ونهارك فإن الله كل يوم هو في شأن لا يشغله شأن عن شأن، الخبر وقد مر في الباب السادس (3).
- ومنها أيضا ما في البحار (4) في حديث عن المفضل عن الصادق (عليه السلام) قال أقرب ما يكون العباد إلى الله عز وجل وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله فلم يظهر لهم،

1 - البحار: 51 / 114.
2 - الإقبال: 201.
3 - راجع ص 157 أصل.
4 - البحار: 52 / 145 ح 67.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»