مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٢٦
ثم بكى علي بن الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا، ثم قال: كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله، والمغيب في حفظ الله، والموكل بحرم أبيه جهلا منه بولادته، وحرصا منه على قتله إن ظفر به، طمعا في ميراث أخيه حتى يأخذه بغير حق.
قال أبو خالد: فقلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن ذلك لكائن؟ فقال أي وربي، إنه لمكتوب عندنا في الصحيفة التي فيها ذكر المحن التي تجري علينا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال أبو خالد: فقلت يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم ماذا يكون؟ قال (عليه السلام) ثم تمتد الغيبة بولي الله عز وجل الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة بعده عليه الصلاة والسلام يا با خالد، إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف أولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله عز وجل سرا وجهرا.
- وفي كتاب الغيبة (1) للشيخ الطوسي (رضي الله عنه) عن كتاب الغيبة لفضل بن شاذان (رضي الله عنه) بإسناده عن المفضل بن عمر قال: ذكرنا القائم (عليه السلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام) إذا قام أتي المؤمن في قبره فيقال له يا هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم.
- وفي كمال الدين (2) بإسناده عن الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمد ابن علي الرضا (عليه السلام) يقول: إن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه ثم سكت.
فقلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن الإمام بعد الحسن، فبكى (عليه السلام) بكاء شديدا، ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر.
فقلت: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته.
فقلت له: ولم سمي المنتظر قال: لأن له غيبة يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكذب فيه الوقاتون ويهلك فيه

١ - الغيبة: ٢٧٦ باب النهي عن التوقيت.
2 - كمال الدين: 2 / 378 باب 36 ح 3.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»