بجميع ما ورد في الروايات من المثوبات والعطيات، وينبغي للمؤمن أن يختار القسم الأول، بل يختار أعلى أصنافه، التي أشرنا إليها.
والقسم الثالث: أن يكون الانتظار بقصد الفوز بالمثوبات، والمواهب الأخروية أو الدنيوية، لعلمه باجتماع لوازم التعيش، وطول العمر، وسعة الرزق، وازدياد النعم، وانكشاف الهم والغم والألم في زمان ظهور مولانا صلوات الله عليه بحيث لا يريد بانتظاره سوى ذلك، ولا يكون له نظر إلى الإطاعة لأمر الله.
القسم الرابع: عكس القسم الثاني، والظاهر أنه لا يستحق الثواب الموعود في الروايات، في هذين القسمين، لأن استحقاق الثواب بالعبادة موقوف على قصد الإطاعة كما سمعت في صريح الرواية.
والمفروض أنه لم يأت بالمأمور به تعبدا، فليس انتظاره عبادة وكما لا يستحق الثواب، كذلك لا يستحق العقاب أيضا، لأنا لم نعلم انحصار المصلحة فيه في الإتيان به بقصد التعبد فقط، بل الظاهر من الممارسة في أخبار المقام أن الغرض أن لا ييأس المؤمن من ظهور الإمام عليه الصلاة والسلام.
ولذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الحديث الذي قدمناه في المقام الأول: انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله.. الخ، فإن الظاهر أن قوله: لا تيأسوا بيان لأول درجات الانتظار.
ويومئ إلى ذلك أيضا كلام مولانا الصادق (عليه السلام) في رواية أبي بصير (1) السابقة: يا با بصير وأنت ممن يريد الدنيا.. الخ، معترضا عليه بهذا القول. يعني أن الحقيق على مثلك أن يكون منصرفا عن إرادة النيل باللذات الدنيوية بانتظار الفرج، وهذا البيان يدل على ما ذكرنا من عدم استحقاق العقاب، لو كان همه مقصورا على نيل الثواب، ونظير ذلك كثير في الأعمال كزيارة المؤمن، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، وقضاء حوائج الإخوان وغيرها إذ لم يقل أحد بأن المؤمن إذا قضى حاجة لأخيه المؤمن ولم يقصد بذلك التعبد يستوجب عقابا بهذا العمل نعم استحقاق الثواب في هذا ونحوه موقوف على قصد التعبد، كما نبهنا عليه فتدبر.
فإن قلت: يمكن القول بوجوب قصد التقرب في الانتظار وحرمة خلافه.
- نظرا إلى الحديث المروي في تحف العقول عن المفضل بن عمر (رضي الله عنه) عن أبي عبد