مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
مجلس آخر.
الثامن: إن المسمى باسم محمد (صلى الله عليه وآله) لم يكن منحصرا في القائم (عليه السلام) حتى يكون ذكره به منهيا عنه لكي لا يعرفه الأعداء بل لو كان العلة الخوف لوجب النهي عن ذكره بالحجة وصاحب الغيبة. ونحوهما فإنها مما لم يعهد تسمية غيره به، بل كان اللازم أن لا يعبر عنه بابن العسكري أيضا لكونه صريحا في حياته وبقائه (عليه السلام) فيطلبه الأعداء ومن هنا ظهر ضعف القول باختصاص التحريم بزمان الغيبة الصغرى، إذ لو كان الخوف والتقية هي العلة للزم النهي عن ذكر ألقابه المخصوصة أيضا.
والحاصل: إن حرمة ذكر هذا الاسم الشريف ليست دائرة مدار الخوف وعدمه بخلاف سائر أسمائه وألقابه، فإن جواز ذكرها وعدمه دائر مدار الخوف والتقية فيحرم عند التقية، ويجوز عند عدمها وكذا الحال في ذكر سائر الأئمة (عليهم السلام) فهم في هذا الحكم سواء كما دلت عليه الروايات وهذا الوجه مما اختلج بالبال في هذا المقال، وسيجئ له زيادة تبيين وتوضيح إن شاء الله تعالى، فانتظر لتمام الكلام.
والوجوه السابقة قد ذكر بعضها المحقق النوري (رضي الله عنه) فمن ملاحظة ذلك كله يحصل الجزم للفقيه الماهر، بكون الخوف المشار إليه في الخبرين المرقومين حكمة في جعل هذا الحكم لا علة له.
مضافا إلى أن حمل الكلام على التقية خلاف الأصل لأن الظاهر من طريقة العقلاء وأهل اللسان كونهم في محاورتهم في بيان مقام الحكم الواقعي فصرف الكلام إلى غيره يحتاج إلى دليل صريح يوجب رفع اليد عن العمومات الكثيرة وهو مفقود في المقام.
وأيضا القول بالتحريم (مطلقا) هو مقتضى ظهور العام كما عرفت فتخصيص الحرمة ببعض الأفراد إخراج للعام عن ظاهره من غير دليل فتدبر.
وأيضا تخصيص الحرمة بحال الخوف والتقية يوجب إخراج الأكثر عن تحت العموم وهو غير جائز كما لا يخفى على من تدبر.
إذا عرفت ذلك فنقول إن ما اخترناه من القول بحرمة ذكر اسمه الشريف المعهود في المحافل والمجامع مؤيد بأمور.
أحدها: إنه لم ينقل في أحاديث المعراج خبر واحد صرح فيه الرب جل جلاله باسم
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»