المبتلى، والترحم على العالم المجهول قدره عند الجهال فإن بكل منها يحصل فوائد جمة ومكارم مهمة.
وأما العنوان الثاني: وهو الدعاء في حق الغير جزاء لإحسانه فقد ذكرنا في الباب الثالث والرابع: أن جميع ما نتقلب فيه من النعم والمنافع، إنما هو بتوسطه، وببركة وجوده (عليه السلام) مضافا إلى أنواع إحسانه إلينا من الدعاء في حقنا ودفع أعدائنا وحلمه عنا، وإفاضاته العلمية إلينا، وشفاعته لنا، وسائر أنواع الإحسان مما يعجز عن بيانه اللسان، ويقصر عن تحريره البنان، وقد قال الله عز وجل في محكم القرآن، ومنزل التبيان، في سورة الرحمن: * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فبأي آلاء ربكما تكذبان) *.
فيا من لا يقدر على مجازاة نعم مولاه، المحسن إليه بكل ما يتمناه، أفلا تقدر على جعل ساعة من ساعات ليلك أو نهارك اللذين يمضيان بغير اختيارك مخصوصة بالدعاء لصاحب الزمان الذي أنعم عليك بكل عنوان، وأحسن إليك بصنوف الإحسان التي يعجز عن عدها ووصفها اللسان، بل عمرك الذي تحصل كل ما تحصل به نعمة من النعم التي أنعم الله بها عليك بسببه!! فما أجفاك، ثم ما أجفاك! إن لم يضطرب قلبك لما أسمعناك، ولم يتحرك لسانك بالدعاء في حق مولاك فانتبه من رقدة اللهو وقم وانف عن عين تماديك المنايا، واعلم أن الرائد لا يكذب أهله، وما علينا إلى البلاغ * (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) *.
وأما العنوان الثالث: وهو الدعاء للغير رجاء لإحسانه والانتفاع به، فقد قدمنا في الباب الرابع: أن أوفر العطيات، وأجزل النعم، وأكمل المواهب والقسم يحصل للمؤمنين بظهور خاتم الأئمة المعصومين، فينبغي لهم الاهتمام في الدعاء بتعجيل فرجه وظهوره، لينالوا ببركاته ويستضيئوا بشعاع نوره.
وأما العنوان الرابع: وهو الدعاء للغير تعظيما وتجليلا له فنقول: هل تعلم أحدا أجل قدرا، وأرفع شأنا، وأكرم نفسا وأمجد شخصا وأوجه جاها وأطول عمرا وأعلى نسبا وأسنى حسبا وأوضح برهانا وأكثر إحسانا وأفضل علما وأعظم حلما، وأوفر كمالا وأجل جلالا، وأصبح جمالا من مولاك صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه وظهوره.
فإن قال أحد: نعم. قلت: أنت ضال أحمق وإن قال: لا، قلت: * (ما لكم لا ترجون لله وقارا) *