فإن هذا الحديث يخص بهذا العقارب الكبر الذي يكون سببا للجحود والإباء عن عبادة الله أو إطاعة أنبيائه وأوليائه، والانقياد لهم كتكبر إبليس وأضرابه وأحزابه من الكافرين والغاصبين لمناصب الأئمة الطاهرين، سلام الله عليهم أجمعين.
ووجه عدم التنافي، أن الروايات السابقة دلت على كون المتكبر من أهل النار مطلقا، سواء كان جاحدا أم لا، ولم يذكر فيها عدم دخوله في الجنة.
وهذا الحديث دل على كون عدم دخول الجنة مخصوصا بذلك الصنف من المتكبرين ولم يذكر الإمام (عليه السلام) أن معنى الكبر: الجحود كما لا يخفى.
وبالجملة فاعلم أن التواضع مفتاح كل خير، والتكبر مفتاح كل شر، لأنه يمنع صاحبه عن تحصيل الفضائل، وتبعيد الرذائل ولتفصيل الكلام في ذلك مقام آخر وإن وفقني الله عز وجل صنفت في ذلك كتابا مستقلا إن شاء الله تعالى.
المقام الثالث: في الإشارة إلى بعض أقسام التواضع، وبيان كون الدعاء من أقسامه.
إعلم أن التواضع أمر إضافي، تتعدد أقسامه بحسب ما يضاف إليه كالتواضع لله تعالى والتواضع لأنبيائه ولأوليائه والتواضع للمشايخ، والتواضع للوالدين وللمعلم، وللمتعلم، وللمؤمنين، وللشرفاء، وللعلماء، والتواضع في المسكن، وفي المجلس، والمطعم والمشرب، والملبس، والمنكح، والتواضع في المشي وفي الكلام، إلى غير ذلك من الأقسام، ولكل من هذه الأقسام فوائد عظام، يوجب ذكرها الإطناب في الكلام والخروج عما هو المقصود في هذا المقام.
وأما ما ادعيناه من كون الدعاء لخاتم الأئمة الكرام عليه وعلى آبائه الصلاة والسلام مندرجا في هذه الأقسام، فلأن الدعوات الصادرة عن الإنسان وغيره من الداعين في حق غيرهم، يكون على أقسام.
فمنها: دعاء الشفقة والرحمة، كدعاء الوالد لولده، والأخ لإخوته والملائكة لزوار قبر الحسين ونحوها.
ومنها: دعاء المجازاة كدعاء من أحسن إليه أحد، أو دفع عنه سوء لهذا المحسن، أو الدافع، ودعاء المتعلم لمعلمه ونحوها.
ومنها: الدعاء في حق الغير رجاء لإحسانه، والانتفاع به والفرق بين هذا وسابقه أن