مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٤٠٣
والبحار فإذا اجتهد المؤمن في الدعاء، لكشف الغم والحزن عن قلب إمامه، والتعجيل في حصول مرامه بشرائطه المذكورة في مقامه، كان أثر ذلك حاصلا بمقتضى الوعدة الإلهية، لأن الله تعالى لا يخلف الميعاد.
فظهر من ذلك أن الدعاء إعانة ونصرة للإمام، فيما يريده من أقسام المرام مضافا إلى ما ورد من أمره المطاع الأعلى في التوقيع الرفيع (1) الأسنى أنه قال: وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم، الخ فإنه (عليه السلام) طلب من أحبائه حاجة يقدرون على قضائها، والإقدام فيها، وهي الإكثار من الدعاء له بتعجيل فرجه. فإقدام كل أحد منهم في ذلك إعانة في قضاء حاجته، وإنجاح طلبته. ويشهد لما ذكرنا أيضا من تأثير الدعاء في استباق ذلك، ما رويناه في المكرمة الثانية والعشرين فارجع هنالك، لتتضح لك المسالك وسيأتي في المكرمة التاسعة والأربعين ما يدل على ذلك بنحو التبيين.
- ففي الحديث المذكور الذي روي في الكافي (2) عن عيسى بن أبي منصور، قال الصادق (عليه السلام) (ابتداء منه لعبد الله بن أبي يعفور في باب حق المؤمن على أخيه): يا بن أبي يعفور قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله عز وجل، وعن يمين الله عز وجل فقال ابن أبي يعفور وما هي جعلت فداك؟
قال (عليه السلام): يحب المرء المسلم لأخيه ما يحب لأعز أهله، ويكره المرء المسلم لأخيه ما يكره لأعز أهله، ويناصحه الولاية فبكى ابن أبي يعفور، وقال كيف يناصحه الولاية؟
قال: يا بن أبي يعفور، إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه، ففرح لفرحه إن هو فرح، وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه، وإلا دعا الله له، الخبر.
فإنه (عليه السلام) جعل الدعاء إعانة وتفريجا لمن لا يقدر على التفريج والإعانة بغير ذلك. وسيأتي تمام الخبر مع شرح ما يحتاج منه إلى الشرح إن شاء الله تعالى.
- ويشهد لما ذكرناه ويؤيده ما ورد في دعاء سيد الساجدين (عليه السلام) للغازين والمرابطين، حيث قال (عليه السلام): اللهم وأيما عبد مسلم خلف غازيا أو مرابطا في داره، أو تعهد خالفيه في

١ - بحار الأنوار: ٥٢ / ٩٢ / ح ٧، الخرائج والجرائح: ١٨٧.
٢ - الكافي: ٢ / 172 باب حق المؤمن على أخيه ح 9.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»