الحناجر، ونضجت الأكباد من طول الموقف، أدخل في هذا السور أولياء الله، فكانوا في أمن الله وحرزه، لهم فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين (1).
وأعداء الله قد ألجمهم العرق، وتقطعهم الفرق وهم ينظرون إلى ما أعد الله لهم، فيقولون:
* (ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) * (2) فينظر إليهم أولياء الله يضحكون منهم، فذلك قوله عز وجل: * (اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار) * (3) وقوله * (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون) * فلا يبقى أحد ممن أعان مؤمنا من أوليائنا بكلمة إلا أدخله الله الجنة بغير حساب والشاهد آخر الحديث، إلى غير ذلك.
المكرمة الحادية والثلاثون الاهتداء بنور كتاب الله المبين لأن الدعاء له كما ذكرنا يوجب ازدياد إشراق الأنوار الإلهية في القلب، وإذا أشرقت أرض القلب بنور ربها، اهتدى الإنسان بنور كلام الله المجيد، بنحو لا يعتدي به غيره، وفهم منه ما لا يفهمه غيره، وجعل القرآن على داء قلبه فيكون له شفاء ورحمة.
وأيضا لا ريب في أنه كلما كان الإيمان أكمل وأتم، كان انتفاع الإنسان بفوائد القرآن أكثر وأعظم كما أن الشخص إذا كان مزاجه صحيحا ينتفع ويلتذ بالأغذية الطيبة اللذيذة، وإذا فسد مزاجه لم يكن لها تأثير في بدنه، بل يكون ضارا مؤذيا له، حتى يعالج مزاجه، ويصلحه بإزالة مواد الأمراض، فكلما ضعف سوء المزاج، حصل آثار الأغذية الطيبة اللذيذة في البدن شيئا فشيئا حتى إذا ارتفع أسباب المرض بالكلية، ظهر جميع آثار الأغذية الطيبة، ومنافعها في البدن وكذلك القلب، إذا ارتفع عنه الطبع والرين والشك بنور الإيمان، ظهر فيه آثار هداية القرآن، وكلما كمل الإيمان ازداد صاحبه بصيرة وعلما وانتفاعا واهتداء بالقرآن وقد قال الله عز وجل في بيان ذلك * (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في