فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا، وأوجبه من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله، لتعلم الملائكة ما يحق الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد لله، فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده، ثم إن الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) وأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون! وإنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرائيل مثنى مثنى.
ثم قال تقدم يا محمد فقلت: يا جبرائيل، أتقدم عليك؟ فقال: نعم لأن الله تبارك وتعالى اسمه فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر، فلما انتهينا إلى حجب النور، قال لي جبرائيل تقدم يا محمد. وتخلف عني، فقلت: يا جبرائيل، في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال: يا محمد، إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي، لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزخ بي ربي زخة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عز وجل من ملكوته، فنوديت يا محمد فقلت لبيك ربي وسعديك، تباركت وتعاليت، فنوديت: يا محمد أنت عبدي، وأنا ربك فإياي فاعبد، وعلي فتوكل، فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن عصاك وخالفك خلقت ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتك أوجبت ثوابي.
فقلت: يا رب، ومن أوصيائي؟ فنوديت يا محمد، إن أوصيائك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت وأنا بين يدي ربي إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نورا، في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم مهدي أمتي فقلت: يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدي فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي، وأحبائي، وأصفيائي، وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له الرقاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولأمدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة.