في نبذة من حقوقه علينا ومراحمه إلينا (عليه السلام) الباب الثالث في نبذة من حقوقه علينا ومراحمه إلينا وهي كثيرة، جليلة، لا أكاد أحصيها، ولا أستطيع الغوص فيها. فمثلها البحر الزاخر واليم المائر، غير أني أغترف منه غرفة، وأبتغي بذلك القربة، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
فمنها حق الوجود فإنه السبب في وجودك وكل موجود، ولولاه ما خلقت أنت ولا غيرك، بل لولاه ما خلقت أرض ولا فلك، لولاه لم يقترن بالأول الثاني.
- ويدل على ذلك قوله في التوقيع الشريف المروي في الاحتجاج (1): ونحن صنائع ربنا، والخلق بعد صنائعنا، الخ، ومعنى هذا الكلام يجري على وجهين: أحدهما ما ذكر صلوات الله عليه في توقيع آخر.
- روى في الاحتجاج (2) أنه اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض إلى الأئمة أن يخلقوا ويرزقوا، فقال قوم هذا محال لا يجوز على الله لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل، وقال آخرون: بل الله عز وجل أقدر الأئمة على ذلك وفوض إليهم فخلقوا، ورزقوا، وتنازعوا في ذلك تنازعا شديدا فقال قائل ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألونه عن ذلك، ليوضح لكم الحق فيه، فإنه الطريق إلى صاحب الأمر، فرضيت الجماعة بأبي جعفر، وسلمت وأجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة، وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته: إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام، وقسم الأرزاق، لأنه ليس بجسم، ولا حال في جسم، ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، فأما الأئمة عليهم السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق، إيجابا لمسألتهم