مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٦
وإعظاما لحقهم. انتهى.
وحاصل هذا الوجه أنه وآبائه عليهم السلام هم الوسائط في إيصال الفيوضات الإلهية إلى سائر المخلوقات وإليه أشير في دعاء الندبة: " أين السبب المتصل بين أهل الأرض والسماء " ونسبة الفعل إلى السبب والواسطة كثيرة جدا في العرف واللغة.
والوجه الثاني: أنه المقصود الأصلي والغرض الحقيقي من خلق جميع ما أنشأه الباري تعالى شأنه، وكذا آباؤه الطاهرون عليهم السلام فهم العلة الغائية وخلق ما سواهم لأجلهم.
ويؤيد ذلك ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائع لنا. والأحاديث الدالة عليه متظافرة.
- منها ما رواه الصدوق في الإكمال (1) مسندا عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقا أفضل مني، ولا أكرم عليه مني.
قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل؟ فقال (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على الملائكة المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك. فإن الملائكة لخدامنا، وخدام محبينا، يا علي:
* (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا) * بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوا ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عز وجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله! لأن أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة، فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا، استعظموا أمورنا، فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة أن لا إله إلا الله. فلما شاهدوا كبر محلنا، كبرنا الله، لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال، وأنه عظيم المحل فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من القدرة والقوة، قلنا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت الملائكة: لا حول ولا قوة إلا بالله.

1 - إكمال الدين: 1 / 254 باب 23 ذيل 4.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»