مجمع الفضائل والفواضل الصفي الوفي، المولى علي الرشتي، طاب ثراه وكان عالما برا تقيا زاهدا حاويا لأنواع العلم، بصيرا ناقدا، من تلامذة السيد السند الأستاذ الأعظم دام ظله: ولما طال شكوى أهل الأرض حدود فارس ومن والاه إليه من عدم وجود عالم عامل كامل، نافذ الحكم فيهم، أرسله إليهم عاش فيهم سعيدا ومات هناك حميدا، رحمه الله وقد صاحبته مدة سفرا وحضرا، ولم أجد في خلقه وفضله نظيرا إلا يسيرا.
قال: رجعت مرة من زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) عازما للنجف الأشرف من طريق الفرات، فلما ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء وطويرج، رأيت أهلها من أهل الحلة ومن طويرج، تفترق طريق الحلة والنجف، واشتغل الجماعة باللهو واللعب والمزاح، رأيت واحدا منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السكينة والوقار، ولا يمازح ولا يضحك، وكانوا يعيبون على مذهبه، ويقدحون فيه، ومع ذلك كان شريكا في أكلهم وشربهم، فتعجبت منه إلى أن وصلنا إلى محل كان الماء قليلا، فأخرجنا صاحب السفينة، فكنا نمشي على شاطئ النهر، فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه، وذمهم إياه وقدحهم فيه، فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السنة، وأبي منهم، وأمي من أهل الإيمان، وكنت أيضا منهم، ولكن الله من علي ببركة الحجة صاحب الزمان (عليه السلام) فسألت عن كيفية إيمانه.
فقال: اسمي ياقوت، وأنا أبيع الدهن عند جسر الحلة فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن من أهل البراري خارج الحلة، فبعدت عنها بمراحل، إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريد منه وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلة، ونزلنا في بعض المنازل ونمنا، وانتبهت، فما رأيت أحدا منهم وقد ذهبوا جميعا، وكان طريقنا في برية قفر، ذات سباع كثيرة، ليس في أطرافها معمورة، إلا بعد فراسخ كثيرة، فقمت وجعلت الحمل على الحمار ومشيت خلفهم، فضل عني الطريق، وبقيت متحيرا خائفا من السباع والعطش في يومه، فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة، وجعلتهم شفعاء عند الله تعالى، وتضرعت كثيرا فلم يظهر منهم شئ، فقلت في نفسي إني سمعت من أمي، أنها كانت تقول إن لنا إماما حيا يكنى أبا صالح، يرشد الضال ويغيث الملهوف ويعين الضعيف، فعاهدت الله تعالى أن أستغيث به فإن أغاثني أدخل في دين أمي فناديته، واستغثت به،