مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ١٤٥
ولأسوقن العرب بعصاي هذه، قال: قلت له: يا أمير المؤمنين، كأنك تخبر أنك تحيى بعدما تموت، فقال (عليه السلام): هيهات يا عباية ذهبت في غير مذهب يفعله رجل مني.
قال الصدوق (رض): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) اتقى عباية الأسدي في هذا الحديث.
- وفي البحار (1) أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان: آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني، قال عمار: وأية آية هي؟ قال: قول الله تعالى: * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) * (2) الآية فأية دابة هذه؟ قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أريكها.
فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل تمرا وزبدا فقال: يا أبا اليقظان هلم فجلس عمار، وأقبل يأكل معه، فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان، حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينيها! قال عمار: قد أريتكها إن كنت تعقل.
- وعنه (عليه السلام) (3) قال: إنتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو نائم في المسجد، قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله، ثم قال: قم يا دابة الله، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله أنسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلا له خاصة وهو الدابة التي ذكر الله تعالى في كتابه، الخبر. وفيما أسمعناك كفاية إن شاء الله.
الفائدة الرابعة: أن قوله (عليه السلام) في الحديث المذكور في صدر الكلام: فعند ذلك ترفع التوبة، الخ، يدل على أن الحجة عجل الله تعالى فرجه وظهوره يقبل التوبة والإيمان ممن سبق إلى الكفر والطغيان قبل خروج دابة الأرض وإذا خرج ارتفعت التوبة، * (ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) * وبهذا الوجه يجمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب، فإن بعضها يدل على أن المهدي عجل الله تعالى فرجه يقبل ذلك، مثل ما ذكرناه في قتل الكافرين، وحاصله أنه يعرض الإسلام عليهم، فمن أطاع سلم وغنم، ومن أبى قتل وقصم، وبعضها يدل على أنه لا يقبل الإسلام ممن لم يكن مسلما قبل ذلك، ولا يقبل توبة أحد.

١ - بحار الأنوار: ٥٣ / ٥٣ باب الرجعة ذيل ٣٠.
٢ - سورة النمل: ٨٢.
٣ - بحار الأنوار: ٥٣ / 52 / ح 30.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»