عيسى ابن مريم (عليه السلام).
ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى. قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابة الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان بن داود، وعصى موسى (عليه السلام) تضع الخاتم على وجه كل مؤمن، فينطبع فيه هذا مؤمن حقا. وتضعه على وجه كل كافر فيكتب فيه هذا كافر حقا، حتى إن المؤمن لينادي الويل لك يا كافر، وإن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن، وددت أني كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما.
ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جل جلاله، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة، فلا يقبل توبة ولا عمل ينفع: * (ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) *.
ثم قال (عليه السلام): لا تسألوني عما يكون بعدها فإنه عهد إلي حبيبي رسول الله أن لا أخبر به غير عترتي.
فقال النزال بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صوحان: ما عنى أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا؟ فقال صعصعة يا بن سبرة إن الذي يصلي خلفه عيسى ابن مريم (عليه السلام) هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي (عليه السلام) وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر عند الركن والمقام فيطهر الأرض، ويضع ميزان العدل، فلا يظلم أحد أحدا فأخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) أن حبيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد إليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك إلا عترته الأئمة (عليهم السلام).
أقول: لا ريب في حكم الشرع والعقل السديد بأن قاتل هذا الكافر العنيد يستوجب أن يدعى له بالنصر والتأييد، ثم إن هذا الخبر وإن كان ضعيفا باشتماله على عدة مجاهيل، لكن أكثر ما تضمنه معتضد بغيره من الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار.
وههنا فوائد ينبغي التنبيه عليها:
الأولى: أن قوله (عليه السلام): والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل، يدل على أن ذلك من الأمور البدائية، التي يتطرق إليها احتمال التقدم والتأخر، وليس لها وقت معين كما أن ظهور مولانا الغائب (عليه السلام) أيضا من هذا القبيل، وقد أشرنا إلى ذلك في تنبيهات الغيبة من حرف الغين المعجمة.
الثانية: أن الدجال عليه اللعنة إنما يكون ساحرا، وما يخيل إلى الناس من سير الشمس