بلسانه للخلاص. * (ولات حين مناص) * ويشهد لهذا الوجه ما سبق من أنه (عليه السلام) يحكم بمقتضى علمه الباطني المختص به صلوات الله عليه، هذا ما خطر بالبال في حل الإشكال.
وقال السيد الجليل السيد نعمة الله الجزائري رحمه الله تعالى في الأنوار (1) قد كنت كثيرا ما أفكر في تلك الأخبار، وأطلب وجه الجمع بينها حتى وفق الله تعالى للوقوف على حديث يجمع بين هذه الأخبار، وحاصله أن المهدي (عليه السلام) إذا خرج أحيى الله سبحانه له جماعة ممن محض الكفر محضا كما سيأتي بيانه، فهؤلاء الأحياء الذين تقدم موتهم، ورأوا العذاب عيانا وعذبوا به، واضطروا إلى الإيمان، لا يقبل المهدي (عليه السلام) منهم توبة، لأن توبتهم في هذا الحال مثل توبة فرعون، لما أدركه الغرق فقال عز وجل في جوابه: * (آلآن وقد عصيت قبل) * فلم يقبل له توبة، ومثل توبة من بلغت روحه إلى حلقه وتغرغرت في صدره، ورأى مكانه من النار وعاينه، فإنه إذا تاب لا يقبل له توبة أيضا، فالمراد بالنفس التي لا ينفعها إيمانها هذه النفس.
وأما الأحياء الذين يكونون في زمان ظهوره (عليه السلام)، ولم يسبق عليهم الموت فلا يقبل (عليه السلام) منهم إلا القتل أو الإيمان. إنتهى كلامه رفع مقامه.
أقول: هذا المطلب صحيح في نفسه لكن الأخبار السابقة آبية عن هذا الجمع، لأن الظاهر منها بيان حال الأحياء، كما لا يخفى على المتأمل.
والظاهر أن السيد (ره) لما وقف على هذا الحديث، جعله وجها للجمع بين تلك الأخبار بسليقته، وبعده غير خفي، فالوجه الوجيه هو الوجه الأول، أو الثاني الذي ذكرناه بعون الله تعالى وهو العالم.
الفائدة الخامسة: أنه قد ظهر من قوله (عليه السلام) في حديث وصف الدجال: عينه اليمنى ممسوحة، الخ، وجه تسميته بالمسيح، ومن هذا القبيل تسمية الدرهم الأطلس الذي لا يكون مسكوكا بالمسيح، لاستواء سطحه، والأرض المستوية بالمسحاء.
ويظهر من صاحب القاموس وجه آخر، وهو أن الدجال سمي مسيحا لشؤمه، قال في معنى التمسيح: أن يخلق الله الشئ مباركا أو ملعونا ضد، قال: والمسيح عيسى لبركته وذكرت في اشتقاقه خمسين قولا في شرحي لمشارق الأنوار وغيره، إلى آخر ما قال مما لا