مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ١٤٢
وظهرت شهادة الزور، واستعلن الفجور وقول البهتان والإثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنارات، وأكرم الأشرار، وازدحمت الصفوف، واختلفت القلوب، ونقضت العهود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا، وعلت أصوات الزناديق واستمع منهم.
وكان زعيم القوم أرذلهم، واتقي الفاجر مخافة شره، وصدق الكاذب، وائتمن الخائن، واتخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد، وشهد الآخر، قضاء لذمام بغير معرفة، وتفقه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمر من الصبر، فعند ذلك الوحا الوحا، ثم العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس، وليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه.
فقام الأصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين، من الدجال؟ فقال (عليه السلام): ألا إن الدجال صائد ابن صائد (1) فالشقي من صدقه والسعيد من كذبه، يخرج من بلدة يقال لها أصفهان. من قرية تعرف باليهودية، عينه اليمنى ممسوحة، والعين الأخرى في جبهته تضئ كأنها كوكب الصبح، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب كافر، يقرأه كل كاتب وأمي، يخوض البحار، ويسير معه الشمس بين يديه جبل من دخان وخلفه جبل أبيض، يري الناس أنه طعام.
يخرج حين يخرج في قحط شديد، تحته حمار أحمر. خطوة حماره ميل، تطوى له الأرض منهلا منهلا، ولا يمر بماء إلا غار إلى يوم القيامة، ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن والإنس والشياطين، يقول: إلي أوليائي أنا الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، أنا ربكم الأعلى، وكذب عدو الله، إنه أعور يطعم الطعام ويمشي في الأسواق وإن ربكم ليس بأعور ولا يمشي ولا يزول، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ألا وإن أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر يقتله الله عز وجل بالشام على عقبة أفيق، لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلي خلفه المسيح

1 - في نسخة: الصيد.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»