إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٤٥
أين لي علم بأنك زائر حتى أرسل لك رسولا وأنا وعسكري منذ خمسة عشر يوما محاصرين في البلد لا نستطيع أن نخرج خوفا من عنزة؟ ثم قال: فأين صارت عنزة؟ قلت: لا علم لي سوى أني رأيت غبرة شديدة في كبد البر كأنها غبرة الضعاين ثم أخرجت الساعة وإذا بقي من النهار ساعة ونصف فكأن مسيرنا كله في ساعة وبين منازل بني طرف وكربلاء ثلاث ساعات ثم بتنا تلك الليلة في كربلاء، فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة فأخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين كربلاء قال: فبينما عنزة جلوس في أنديتهم وبيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهم وبيده رمح طويل فصرخ فيهم بأعلى صوته: يا معاشر عنزة قد جاء الموت هذا عساكر الدولة العثمانية تجبهت عليكم بخيلها ورجلها وها هم على أثري مقبلون فأرحلوا وما أظنكم تنجون منهم فألقى الله عليهم الخوف والذل حتى إن الرجل يترك بعض متاع بيته استعجالا بالرحيل فلم تمض ساعة حتى ارتحلوا بأجمعهم وتوجهوا نحو البر فقلت له: صف لي الفارس فوصفه وإذا هو صاحبنا بعينه وهو الفارس الذي جاءنا والحمد لله رب العالمين (1).
الحكاية الثلاثون: وفيه عن السيد السند الميرزا صالح المزبور عن بعض الصلحاء الأبرار من أهل الحلة قال: خرجت غدوة من داري قاصدا داركم لأجل زيارة السيد أعلى الله مقامه فصار ممري في الطريق على المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت على شباكه الخارج إلى الطريق شخصا بهي المنظر يقرأ فاتحة الكتاب فتأملته فإذا هو غريب الشكل وليس من أهل الحلة فقلت في نفسي: هذا رجل غريب قد اعتنى بصاحب هذا المرقد ووقف وقرأ له فاتحة الكتاب ونحن أهل البلد نمر ولا نفعل ذلك فوقفت وقرأت الفاتحة والتوحيد، فلما فرغت سلمت عليه فرد السلام وقال لي: يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي؟ قلت: نعم، قال: فإني معك، فلما صرنا ببعض الطريق قال لي: يا علي لا تحزن على ما أصابك من الخسران وذهاب المال في هذه السنة فإنك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤديا للحق وقد قضيت ما فرض الله عليك، وأما المال فإنه عرض زائل يجئ

1 - جنة المأوى: 290 الحكاية 46.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»