إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٤٦
ويذهب وكان قد أصابني خسران في تلك السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الكسر فاغتممت في نفسي وقلت: سبحان الله كسري قد شاع وبلغ حتى إلى الأجانب إلا إني قلت له في الجواب: الحمد لله على كل حال، فقال: إن ما ذهب من مالك سيعود إليك بعد مدة وترجع كحالك الأول وتقضي ما عليك من الديون قال: فسكت وأنا متفكر في كلامه حتى انتهينا إلى باب داركم فوقفت ووقف فقلت: أدخل يا مولاي فأنا من أهل الدار فقال (عليه السلام) لي:
أدخل أنا صاحب الدار فامتنعت فأخذ بيدي وأدخلني أمامه، فلما صرنا إلى المجلس وجدنا جماعة من الطلبة جلوسا ينتظرون خروج السيد (قدس سره) من داخل الدار لأجل البحث، ومكانه من المجلس خال لم يجلس به أحد احتراما له وفيه كتاب مطروح فذهب الرجل فجلس في الموضع الذي كان السيد (رحمه الله) يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الكتاب وفتحه وكان الكتاب شرايع المحقق (رحمه الله) ثم استخرج من الكتاب كراريس مسودة بخط السيد (رحمه الله) وكان خطه في غاية الضعف لا يقدر كل أحد على قراءته فأخذ يقرأ في تلك الكراريس ويقول للطلبة:
ألا تعجبون من هذه الفروع؟ وهذه الكراريس هي بعض من جملة كتاب مواهب الأفهام في شرح شرايع الأحكام وهو كتاب عجيب في فنه لم يبرز منه إلا ست مجلدات من أول الطهارة إلى أحكام الأموات.
قال الوالد أعلى الله درجته: لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالسا في موضعي، فلما رآني قام وتنحى عن الموضع وألزمته بالجلوس فيه ورأيته رجلا بهي المنظر وسيم الشكل في زي غريب، فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه وبشاشة وسؤال عن حاله واستحييت أن أسأله من هو وأين موطنه، ثم شرعت بالبحث فجعل الرجل يتكلم في المسألة التي نبحث عنها بكلام كأنه اللؤلؤ المتساقط فبهرني كلامه فقال له بعض الطلبة:
اسكت، ما أنت وهذا؟ فتبسم وسكت، قال (رحمه الله): فلما انتهى البحث قلت له: من أين كان مجيئك إلى الحلة؟ فقال: من بلد السليمانية.
فقلت: متى خرجت؟ فقال: بالأمس خرجت منها حين دخلها نجيب باشا فاتحا لها عنوة بالسيف وقد قبض على أحمد باشا الباباني المتغلب عليها وأقام مقامه أخاه عبد الله باشا وقد كان أحمد باشا المتقدم قد خلع طاعة الدولة العثمانية وادعى السلطنة لنفسه في
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»