إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٤١
فتحيرت من أمري وصرت أتفكر في أمري فإذا أنا بحية عظيمة كالأشجار العظيمة تستقبلني في غاية السرعة ففررت منها منهزما مستغيثا بالله تبارك وتعالى في النجاة من شرها كما نجاني من الغرق، فإذا أنا بحيوان شبه الأرنب قصد الحية مسرعا من أعلى الجبل حتى وصل إلى ذنبها فصعد منه حتى إذا وصل رأس الحية إلى ذلك الحجر الأملس وبقي ذنبه فوق الحجر وصل الحيوان إلى رأسها وأخرج من فمه حمئة مقدار إصبع فأدخلها في رأسها ثم نزعها وأدخلها في موضع آخر منها وولى مدبرا فماتت الحية في مكانها من وقتها، وحدث منها عفونة كادت نفسي أن تطلع من رائحتها الكريهة، فما كان بأسرع من أن ذاب لحمها وسال في البحر وبقي عظامها كسلم ثابت في الأرض يمكن الصعود منه، فتفكرت في نفسي وقلت إن بقيت هنا أموت من الجوع فتوكلت على الله في ذلك وصعدت منها حتى علوت الجبل وسرت من طرف قبلة الجبل فإذا أنا بحديقة بالغة حد الغاية في الغضارة والنضارة والطراوة والعمارة، فسرت حتى دخلتها وإذا فيها أشجار مثمرة كثيرة وبناء عال مشتمل على بيوتات وغرف كثيرة في وسطها، فأكلت من تلك الفواكه واختفيت في بعض الغرف وأنا أتفرج الحديقة وأطرافها فإذا أنا بفوارس قد ظهروا من جانب البر قاصدي الحديقة يقدمهم رجل ذو بهاء وجمال وجلال وغاية من المهابة، يعلم من ذلك أنه سيدهم، فدخلوا الحديقة ونزلوا من خيولهم وخلوا سبيلها وتوسطوا القصر فتصدر السيد وجلس الباقون متأدبين حوله.
ثم أحضروا الطعام فقال لهم ذلك السيد: إن لنا في هذا اليوم ضيفا في الغرفة الفلانية ولا بد لنا من دعوته إلى الطعام، فجاء بعضهم في طلبي فخفت وقلت: اعفني عن ذلك، فأخبر السيد بذلك فقال: اذهبوا بطعامه إليه في مكانه ليأكله، فلما فرغنا من الطعام أمر بإحضاري وسألني عن قصتي، فحكيت له القصة. فقال: أتحب أن ترجع إلى أهلك؟ قلت:
نعم، فأقبل على واحد منهم فأمره بإيصالي إلى أهلي فخرجت أنا وذلك الرجل من عنده فلما سرنا قليلا قال لي الرجل: انظر فهذا سور بغداد، فنظرت فإذا أنا بسوره وغاب عني الرجل، فتفطنت من ساعتي هذه وعلمت أني لقيت سيدي ومولاي ومن سوء حظي
(٤١)
مفاتيح البحث: مدينة بغداد (1)، الطعام (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»