المغرب وفراغته من فلاحته يأتي مع سائر الفلاليح مسجد السهلة ويبيت فيه، وكان مطلعا بما قصده الحاج الوالد من بيع نصفها، فبينما هو ذات ليلة في المسجد فرأى بين النوم واليقظة أن أحدا يدعوه قائلا: يا فلان أجب السلطان. يقول: فقمت مهربا فرأيت المسجد منورا أضوأ من الشمس الطالعة ورأيت جماعة في صحن المسجد جلوسا وقد حف بهم جمع كثير وفيهم سيد جليل عظيم والنور يسطع منه إلى عنان السماء وعن يمينه رجلان جليلان، وكذلك عن يساره فأخذوني إليه فسألني السلطان من أنت؟ وما وظيفتك؟ فأخبرته أني من فلاليح البستان الواقع قرب هذا المسجد للحاج ملا باقر البهبهاني، نأتي بعد فراغنا عن فلاحتنا كل ليلة المسجد ونبيت فيه. فقال: نعم. قال: قل للحاج ملا باقر أن يزرع فيها حملا من بذور الزيت الذي في خارج المسجد، فرجعت بعد ذلك فقمت من النوم وأنا لا أرى المسجد إلا في ظلمة الليل والوقت قريب من الفجر فأسبغت الوضوء لأصلي في ذلك المكان لشرافته فرأيت أن أحدا يؤذن فيه، ثم اشتغل بعد ذلك بالصلاة فائتممت به وصليت معه الفجر لما وقع في قلبي من جلالته ونبالته، فلما انتهيت أتيته وقصصت عليه منامي، فقال: أما عرفت؟ قلت: نعم.
قال: أما السلطان فهو إمام زمانك والرجلان الجليلان اللذان عن يمينه الخضر والالياس، واللذان عن يساره هما هود وصالح والحافون به المحدقون حوله أرواح الأنبياء والمؤمنين، فأخبرني أن الحاج ملا باقر هل يريد بيع البستان؟ فأخبرته أنه منذ مدة يريد بيع نصفه بمائة تومان، فقال لي: بعه لي الآن. فقلت: إني لا أقدر إلى أن أستأذنه في ذلك، فأعطاني صرة فيها مائة تومان وقال: اشتره لي بها، فقلت: إني لا أقبضها إلى أن أخبره، أين ألقاك بعد ذلك؟ فقال: إذا جرى الماء في الغري أنا أظهر.
وبالجملة فأتى الفلاح إلى الحاج الوالد وأخبره بما رأى وقص عليه فاعترض عليه المرحوم بما توقف من بيعه له، ثم أخذ في تحسس هذا الشخص بهذه الصفة في أراضي السهلة والكوفة وجميع النجف فاستيأس، ثم قال المرحوم الحاج علي محمد: إن الحاج الوالد أتاني يوما بعد مدة من ذلك ودفع إلي صرة خضراء فيها مأة باجوقلي يساوي قيمتها مائة تومان، أي مائة دينار، ولما كانت العادة بكتابة النقود والأجناس في الدفتر باسم دافعيها